مصطفى لخصم: بطل في الحلبة والسياسة، ضحية الفساد والمصالح الضيقة
عندما تصبح النزاهة والغيرة على الوطن عائقًا...

ضربة قلم
مصطفى لخصم، ذلك البطل المغربي الذي شرف بلاده في المحافل الرياضية، وجد نفسه في حلبة أشد شراسة من أي نزال خاضه على بساط الرياضة. لم يكن يتوقع أن عدوه هذه المرة لن يكون خصمًا رياضيًا شريفًا، بل سيكون “لوبيًا” متجذرًا من العرقلة والفساد والمصالح الشخصية التي تقتات على تهميش المدن وإجهاض الأحلام.
استقالة بطعم الخذلان
لخصم لم ينسحب ضعفًا، ولم يرفع الراية البيضاء خوفًا، بل كان قراره صرخة مدوية في وجه منظومة ترفض التغيير وتكبل كل مبادرة إصلاحية. فالرجل جاء لخدمة مدينته، مدفوعًا بحب إيموزار كندر ورغبة صادقة في انتشالها من براثن التهميش، لكنه اصطدم بواقع مرير: مستشارون متشبثون بثقافة “البلوكاج”، مصالح ضيقة تحكم المشهد، وسلطة لا تسهل عمله بل تعامله كخصم يجب تكسير إرادته.
لكن، من هو الخاسر الحقيقي في هذه المعركة؟ إنه المواطن البسيط الذي حلم بمدينة أفضل، بالبنية التحتية اللائقة، بالخدمات الضرورية، لكنه وجد نفسه رهينة حسابات سياسية ضيقة وعرقلة ممنهجة لا لشيء سوى أن الرجل جاء بعقلية جديدة، عقلية الإنجاز والشفافية، وهي أشياء تزعج من تعودوا على “التسيير” بلغتهم الخاصة، لغة المصالح والمحسوبية والتهاون.
الفساد… العدو الأول للتنمية
ما حدث مع لخصم ليس حالة معزولة، بل نموذج صارخ لما تعانيه العديد من الجماعات المحلية في المغرب. رؤساء منتخبون بآمال كبيرة يجدون أنفسهم في مواجهة شبكة من العراقيل، سواء من داخل المجالس الجماعية نفسها أو من جهات اعتادت التحكم من وراء الستار. إن ظاهرة “البلوكاج” التي تحدث عنها لخصم ليست مجرد تعبير عن مشاكل سياسية، بل هي مرآة لمنظومة تعرقل أي مشروع لا يصب في مصلحة نخبة معينة.
ما ذنب سكان إيموزار كندر في هذه الحرب الخفية؟ لماذا تتحول طموحات مدينة إلى رهينة لمعارك لا علاقة لها بالتنمية؟ هل ذنب مصطفى لخصم أنه جاء من عالم الرياضة بعقلية الانضباط والعمل الجاد، ووجد نفسه في عالم السياسة حيث “العرقلة” هي القاعدة وليس الاستثناء؟
رسالة لخصم: جرس إنذار للجميع
قرار الاستقالة الذي اتخذه لخصم ليس نهاية المطاف، بل يجب أن يكون جرس إنذار. المغرب اليوم في حاجة إلى مسؤولين بعقلية الإنجاز وليس عقلية التعطيل. ما حدث في إيموزار كندر قد يكون صورة مصغرة لما يحدث في العديد من المدن المغربية، حيث تعرقل المشاريع، وتُقتل الأحلام في مهدها، ويُدفع الشرفاء إلى الهامش كي يبقى الفاسدون في الصدارة.
لكن، هل ستقف الدولة متفرجة؟ هل ستسمح لهذه الطينة من أشباه المسؤولين أن تعرقل تنمية المدن والمجالات الترابية؟ أم أن لخصم سيكون بداية لحركة تغيير حقيقية تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار؟
الأيام القادمة وحدها ستكشف إن كان الوطن مستعدًا فعلاً لمحاربة الفساد، أم أن أمثال مصطفى لخصم سيظلون مجرد أبطال يسقطون الواحد تلو الآخر أمام جدار المصالح الضيقة…