فن وثقافة

معرض الكتاب بالرباط 2025: احتفاء بالثقافة أم ترف رسمي بلا بوصلة؟

ضربة قلم

​في دورته الثلاثين لعام 2025، يُعدّ المعرض الدولي للنشر والكتاب (SIEL) في الرباط حدثًا ثقافيًا بارزًا، حيث يجمع أكثر من 743 عارضًا من 51 دولة، ويعرض أكثر من 100,000 عنوانًا. يُقام المعرض في فضاء OLM السويسي من 17 إلى 27 أبريل، تحت شعار “معًا باختلافاتنا”، مع تكريم خاص لإمارة الشارقة كضيف شرف

ملاحظات نقدية على دورة 2025

  1. استمرار الجدل حول نقل المعرض إلى الرباط

منذ نقل المعرض من الدار البيضاء إلى الرباط، لا يزال الجدل قائمًا. يشعر العديد من سكان الدار البيضاء بالتهميش، معتبرين أن هذا القرار يُقصي مدينتهم من حدث ثقافي بارز دون مبررات واضحة.

  1. برمجة ثقافية غنية ولكن…

رغم تنوع الأنشطة، بما في ذلك 26 فعالية يومية و712 نشاطًا مخصصًا للأطفال، إلا أن بعض النقاد يرون أن البرمجة تفتقر إلى التركيز على القضايا المحلية الملحة، مثل تحديات النشر باللغة الأمازيغية أو دعم الكتاب الشباب.

  1. ضعف الترويج والتواصل

لاحظ بعض الزوار ضعفًا في الترويج للمعرض، مما أدى إلى تدني الإقبال في بعض الأيام. كما أن توقيت افتتاح المعرض في بداية الأسبوع قد لا يكون مناسبًا للجمهور العام.​

  1. مشاركة المؤسسات الرسمية : حضور قوي ولكن…

تميزت دورة 2025 بحضور لافت للمؤسسات الرسمية، من قبيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهيئة حماية المعطيات الشخصية، ومؤسسات حكومية أخرى. ورغم أهمية هذه الهيئات في النسيج المؤسساتي الوطني، إلا أن انخراطها القوي داخل المعرض بدا وكأنه يزاحم الجوهر الثقافي للحدث.
فقد شعر البعض أن ثقل “المؤسسة” طغى على روح “الكتاب”، وأن المنصات الحوارية أصبحت في بعض اللحظات أقرب إلى ندوات سياسية تقنية منها إلى لقاءات أدبية أو فكرية. في معرض يُفترض أن يكون ملاذًا للقراءة والإبداع، يجد الزائر نفسه أحيانًا وسط عروض تتحدث عن البيانات الشخصية والحوكمة، بدل الشعر والرواية والنقد الأدبي.

  1. قضايا القرصنة : تحديات مستمرة

لا تزال مشكلة القرصنة تؤرق المعرض. في نسخ سابقة، تم اكتشاف عدد كبير من الكتب المقرصنة، مما دفع المنظمين إلى إغلاق بعض الأجنحة ومصادرة محتوياتها. هذه الظاهرة تسلط الضوء على الحاجة إلى سياسات فعالة لمكافحة القرصنة وحماية حقوق المؤلفين.​

خلاصة

بينما يظل معرض الكتاب والنشر الدولي حدثًا ثقافيًا مهمًا في المغرب، فإن التحديات المتعلقة بالتنظيم، والبرمجة، والتواصل، ومكافحة القرصنة، تتطلب مراجعة شاملة لضمان تحقيق أهداف المعرض وتعزيز دوره في المشهد الثقافي الوطني.​

ورغم ما سُجل من ملاحظات وانتقادات، يظل المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط محطة ثقافية مهمة وموعدًا سنويًا لا غنى عنه لعشاق الكلمة ومهنيي الكتاب. وإذا كنا قد سلطنا الضوء على بعض العثرات، فذلك لا يعني أننا لا نشجع على زيارة هذا الفضاء الثقافي، بل العكس تمامًا. نأمل أن يكون الحضور الواسع فرصة لتدارك النواقص، وتوجيه الرسائل الصامتة لمن يهمهم الأمر، بأن الجمهور المغربي يستحق فعالية بحجم تطلعاته، لا مجرد واجهة رسمية براقة.

فلتكن زيارتنا للمعرض هذا العام… قراءة مزدوجة بين رفوف الكتب وكواليس التنظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.