دفاتر قضائية

ملف”إسكوبار الصحراء”، العربي.. المتهم الذي لا يعرف أحدًا ولا يعرفه أحد!

ضربة قلم

ها نحن أمام حلقة جديدة من مسلسل “إسكوبار الصحراء”، حيث يجلس المتهم (العربي) داخل قاعة المحكمة كأنّه مظلوم هذا العصر، لا يدري لماذا جاء به القدر إلى هذا المكان، ولا كيف تم إقحامه في هذه “المصيبة” التي يراها أكبر من خياله. يبدو أن العربي لا يعرف شيئًا، لا يعرف أحدًا، لا يدري لماذا اسمه ضمن لائحة المتهمين، ربما جاء إلى المحكمة عن طريق الخطأ مثلما يحدث في الأفلام الكوميدية، وربما كان في طريقه إلى اقتناء خبزة ساخنة فوجد نفسه محاطًا برجال الشرطة الذين اتخذوا منه “كبش فداء” لإكمال اللوحة القضائية.

العربي، حسب دفاعه، مجرد مواطن بسيط، لا علاقة له لا بالحاج بن إبراهيم، المعروف بـ”المالي”، ولا بعبد النبي بعيوي، ولا حتى بـ”ولد الريفية”، رغم أن أسماءهم تتردد في الملف كأنها ألقاب مافيات إيطالية. لكنه، من باب الصدفة “المشؤومة”، يعرف المتهم (علال.ح) لأنهما أبناء عمومة، ويعرف إسماعيل، ولكن فقط في إطار تجارة السيارات! تجارة بريئة ونظيفة، ربما السيارات كانت فارهة جدًا، وربما كانت بلا وثائق، وربما كانت تُنقل في قوافل محمية بقوات خاصة، ولكن في النهاية.. تجارة سيارات!

وبينما كان العربي يحاول إقناع القاضي بأنه مجرد “غريب وسط هؤلاء الوحوش”، فإذا بالقاضي يلوّح بمحاضر التحقيقات، التي تقول العكس تمامًا! “ها هو اسمك يا عربي يتكرر في ملف التعاملات المالية مع مدير بنك التجاري وفا بنك.. وها هو السند المالي الذي قدمته نيابة عن الحاج بن إبراهيم!”، لكن العربي لم تهتز له شعرة، كان مستعدًا للمرافعة العاطفية، ليؤكد بجدية لا مثيل لها: “سيدي القاضي، كل ما في الأمر أنني حاولت بيع سيارة تخص زوجة مدير البنك، لكن الصفقة فشلت، ولم أقبض المبلغ، فاستعدت السيارة.. ثم اكتشفت أن الزوجة لديها حساب بنكي فتحه زوجها دون علمها!”

وبالطبع، هذه القصة مثيرة للشفقة أكثر من كونها مثيرة للجدل. وكأن مدير البنك – بدلاً من تهريب الأموال وشراء الولاءات – كان “يكدّس” المال في حساب سري لزوجته المسكينة التي لم تكن تدري عن الأمر شيئًا، تمامًا كما لم يكن العربي يدري عن تورطه في هذه القضية.

وإذا تأملنا المشهد، فسنجد أن “العربي” ليس سوى متهم يعاني من فقدان ذاكرة متكرر. فهو لا يعرف لماذا هو هنا، لا يعرف هؤلاء الأشخاص المتورطين في ملف “إسكوبار الصحراء”، لا يتذكر أي معاملات مالية، ولا يذكر حتى لماذا كانت صورته تظهر في هاتف أحد المتهمين! ربما كان هاتفه مسروقًا، أو ربما كانت مجرد صدفة أخرى من الصدف التي تلاحقه.

القاضي لم يكن مقتنعًا بهذه الروايات الفانتازية، فالقضاء ليس “مهرجان مراكش للضحك”، وهو يعلم أن ملفات تهريب المخدرات عبر الحدود المغربية الجزائرية، وصولًا إلى النيجر وليبيا، ليست شيئًا يمكن تدبيره عبر صدفة بريئة أو تجارة سيارات، لكن المتهم مصرّ على أنه “الضحية” في هذه القصة، وأنه لو كان يعرف حقًا ما يجري، لكان الآن في دولة بعيدة عن كل هذه “الزوبعة“!

وفي النهاية، وكما هو متوقع في الدراما القضائية، تم تأجيل الجلسة إلى الجمعة المقبلة لاستكمال الاستماع إلى باقي المتهمين، الذين على الأغلب سيكونون أيضاً “لا يعرفون شيئًا”، ولا يتذكرون أي تفاصيل، وربما سيحلفون أنهم كانوا يقضون وقتهم في صلاة الفجر أو في مساعدة المحتاجين أثناء تهريب الأطنان من المخدرات عبر الحدود.

أما العربي، فربما يحتاج إلى جلسة خاصة لاستعادة ذاكرته، أو على الأقل، ليجد قصة أكثر إقناعًا من “خلافه مع زوجة مدير البنك بسبب سيارة”! لأن المحكمة ليست “بازارًا” يمكن فيه بيع الروايات الهزلية، خصوصًا عندما يكون ملف القضية يحمل اسم “إسكوبار الصحراء“!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.