دفاتر قضائية

من أدخلك السجن؟ أفعالك أولاً… والمخزن حين ينقلب على مول النوبة!

ضربة قلم

سعيد الناصري، ذاك الوجه الذي لطالما تباهى ببدلته الرسمية وابتسامته العريضة في ملاعب الكرة وقبة البرلمان، وجد نفسه هذه المرة في ملعب مختلف تمامًا: ملعب الجنايات، تحت أنظار المستشار علي الطرشي، وبحضور جمهور لا يصفق، بل يدون وينتظر.

بدا الناصري واثقًا، بل يكاد يطلب فاصلًا كوميديًا قبل أن يبدأ مرافعته. شكر المحكمة وكأنها استدعته لتسلم جائزة وليس للمثول في ملف يرتبط بشبكة مخدرات دولية يقودها “إسكوبار الصحراء”. لم يُنكر فقط، بل طالب بمهلة ليأتي بالحقيقة، كما لو أن الحقيقة كانت في عطلة وستلتحق به في الجلسة المقبلة.

وبين حديثه عن “نقلنا من الخيال إلى الواقع”، وانفعاله الواضح على ما أسماه “تهم لا مصداقية لها”، بدا الرجل وكأنه نسي تمامًا أنه متابع بتهم من العيار الثقيل: النصب، التزوير، استغلال النفوذ، والضغط على الشهود. لا ينقص إلا أن يقول إن كل هذا سيناريو ملفق من كاتب مسلسلات فاشل.

الغريب في المشهد، أن سعيد الناصري لا يزال يعيش دور “المخلّص”، الرجل الذي سيكشف الأسرار ويقلب الطاولة، كما لو كان بصدد إخراج جزء جديد من مسلسل بوليسي مشوّق. أما الجمهور، فقد اعتاد هذا النوع من الأداء المسرحي: قليل من الإنكار، كثير من الثقة، وطلب مهلة، ثم التلويح بـ”معطيات خطيرة” لم تظهر قط.

ومع كل ذلك، يظل التساؤل حاضراً: من أوصل سعيد الناصري إلى هذا المقام؟ الجواب بسيط، لا يحتاج إلى لجنة تحقيق ولا إلى مهلة استراحة: أفعاله أولاً، ثم المخزن حين قرر أن الوقت قد حان. ولأن المغرب بلد المفاجآت، فلا تستغرب إن تبعته أسماء أخرى كانت بالأمس القريب تتفاخر بالقرب من السلطة والصفقات و”مول النوبة”.

اللعبة تغيرت يا سي سعيد، والمسرح هذه المرة بلا تصفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.