من أوروبا الوهمية إلى زنزانة حقيقية: سقوط كبير مستثمري الأحلام الضائعة!

ضربة قلم
في كل موسم، تنبت شبكات النصب كما ينبت الفطر السام، وتعد الشباب الحالمين بجنة أوروبا بتأشيرات ذهبية ووظائف تحوّلهم بين ليلة وضحاها إلى أسياد الحقول والضيعات. ولكن، وكما يحدث دائمًا، ما بدا لهم طريقًا نحو الثراء انتهى بكونه مسارًا مباشرًا نحو الإفلاس العاطفي والمالي، بعدما اكتشف 117 شخصًا أنهم لم يدفعوا فقط ثمن الوهم، بل شاركوا في مسرحية احتيالية بطلتها عصابة محترفة في “الاستثمار في الأحلام الضائعة”.
شرطة الدار البيضاء، وبالتنسيق مع نظيرتها في أسفي، قررت إنهاء عرض النصب هذا قبل أن يُعاد بثه لمواسم أخرى، وأوقفت شخصًا يُعتقد أنه “المخرج الكبير” لهذه المسرحية. غير أن العرض لم يكن من بطولته وحده، فقد سبق أن أُسدل الستار على أربعة أسماء نسائية لعبن أدوارًا رئيسية في خداع الضحايا، حيث كنّ بمثابة وكلاء سفر من نوع خاص، لا يرسلن أحدًا إلى أوروبا، بل إلى قائمة انتظار طويلة من خيبات الأمل.
العملية بدأت بتحقيقات دقيقة كشفت أن هذا الفريق الإجرامي لم يكن مجرد مجموعة هاوية من المحتالين، بل كان لديهم نظام تشغيل محكم، حيث يقبضون على كل درهم بحرفية تجعل البنوك تبدو كأنها تدير عملًا خيريًا مقارنةً بهم. كانوا يسحبون الأموال من الراغبين في الهجرة بسرعة تفوق سرعة تحويل الأموال عبر “ويسترن يونيون”، ويمنحون وعودًا أكثر بريقًا من تلك التي تُكتب على واجهات مكاتب الهجرة.
لكن كما يُقال، “يوم لك ويوم عليك”، وبما أن الحظ لا يحمي المحتالين إلى الأبد، فإن سقوط الرأس المدبر في البيضاء لم يكن سوى مسألة وقت. تم القبض عليه في عملية أمنية دقيقة، وكأنه تاجر مخدرات دولي وليس مجرد بائع أوهام موسمية. الآن، بدلاً من أن يكون في أوروبا كما وعد زبائنه، وجد نفسه في غرفة الحراسة النظرية، حيث سيتم “دراسة ملفه بعناية” ولكن ليس لتسجيله في عقود العمل، بل لتسجيله في قائمة الضيوف الدائمين للمؤسسات الإصلاحية.
القضية الآن في قبضة القضاء، والتحقيق مستمر لمعرفة كل الخيوط التي نسجت هذا الشباك الاحتيالي، ومعرفة إن كان هناك نجوم آخرون لم يتم اكتشافهم بعد في هذه المسرحية السوداء. أما الضحايا، فسيضطرون لتقبل الحقيقة المرة: أقرب رحلة لهم الآن هي تلك التي ستعيدهم إلى الواقع، بلا تأشيرات، بلا عقود، وبالكاد مع بقايا ثقتهم في الإنسانية.