من أين لك هذا؟: حين يصبح القانون سيفًا مسلطًا على الحقائق لا على المصالح الخاصة

ضربة قلم
نعيش في زمن يشهد تغييرات قانونية وتعديلات، ولكن في بعض الأحيان، يظل السؤال الأهم هو: “هل هذه التعديلات تخدم مصالح الشعب أم تُكرس النظام القائم؟” وفي هذا السياق، يمكننا أن نفتح النقاش حول بعض القضايا التي تستحق أكثر من مجرد التعديلات الشكلية في القوانين، مثل مراجعة قوانين مكافحة الفساد، والشفافية المالية، وطرح أسئلة مثل “من أين لك هذا؟
- من أين لك هذا؟
هذه الجملة الشهيرة التي كان يرددها العديد من السياسيين في المغرب تظل شعارًا للشفافية والمساءلة. فهي ليست مجرد عبارة عابرة بل تدعو إلى التحقيق في مصدر الثروات، وخصوصاً تلك التي تزداد بشكل غير مبرر، خاصة عندما تكون على حساب المال العام.
- الفساد المالي وتداخل المصالح في الحياة السياسية والاقتصادية في المغرب يمثل أحد أكبر التحديات. نجد أن هناك أفرادًا مرتبطين بمراكز قوى إدارية أو سياسية، ولكنهم يحققون ثروات هائلة عبر التلاعب بالصفقات العمومية أو الاستفادة من احتكار بعض القطاعات.
- التأثير الاقتصادي للأسر المالكة أو شركات قريبة من دائرة النفوذ، يجعل السؤال “من أين لك هذا؟” أكثر إلحاحًا. كيف يجرؤ البعض على استخدام مناصبهم لتحقيق أرباح ضخمة من شركاتهم الخاصة؟ هنا يأتي دور القوانين الصارمة التي تكشف عن مصادر الأموال والأرباح، وتفتح الباب لآلية أكثر شفافية في مراقبة مصادر الثروات.
- القوانين التي تخدم مصالح الطبقات الحاكمة:
من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن العديد من القوانين والأنظمة تُعدل وتُسن بسرعة عندما يتعلق الأمر بحماية المصالح الخاصة للطبقات المتنفذة، مثل تعديل قانون الإضراب، أو قوانين أخرى تتعلق بالحريات العامة، التي قد تُستخدم لتقييد الاحتجاجات والحقوق النقابية.
- قانون الإضراب على سبيل المثال، يُنظر إليه كأداة أساسية للنقابات والعمال للدفاع عن حقوقهم، ولكن حين يتم تعديل هذه القوانين بطريقة تخدم مصالح رجال الأعمال أو كبار المستثمرين، فإن ذلك يصبح مؤشراً على أن المعركة ليست في صالح المواطن البسيط.
- في الوقت ذاته، هناك حاجة لتعديلات قانونية تسعى إلى محاربة الفساد وضمان تكافؤ الفرص بين الجميع، في حين أن التعديلات التي يتم تبنيها غالباً ما تساهم في تكريس الوضع القائم وتفضيل الأقلية المتنفذة.
- التصرف والمساءلة القانونية:
بدلاً من الاقتصار على “التعديلات الشكلية” أو إصلاحات قانونية تكون محكومة بمصالح خاصة، يجب أن يكون التركيز على تحسين مؤسسات الرقابة وفتح الباب أمام المساءلة الشفافة والمحاسبة. إذا كانت الحكومة تدعي أنها في “بلد الحق والقانون”، فلا بد من إعادة ترتيب الأولويات لتشمل:
- تعزيز دور المؤسسات المستقلة مثل المجلس الأعلى للحسابات في مكافحة الفساد.
- إصلاح القضاء لضمان العدالة بين جميع الأطراف بغض النظر عن النفوذ المالي أو السياسي.
- فتح تحقيقات حقيقية حول كيفية توزيع الثروات، وطرح أسئلة حاسمة حول من يملك هذا المال.
- المساواة أمام القانون:
إذا كان المغرب فعلاً يُدعي أنه ” بلد الحق والقانون”، فيجب أن تكون المساواة أمام القانون ركيزة أساسية. يجب أن يُعامل الجميع سواء كانوا من الطبقات الرفيعة أو العامة بشكل عادل.
- المساواة لا تعني فقط عدم التمييز بين المواطنين، بل أيضاً أن يتم التعامل بحزم مع أولئك الذين يسيئون استخدام منصاتهم للثراء غير المشروع، سواء كانوا في مجال المال والأعمال أو في الحياة السياسية.
الخلاصة:
بدلاً من التركيز على قوانين قد تستفيد منها فقط طبقة قليلة من الناس، مثل قانون الإضراب أو تعديلات أخرى تفتح المجال لتقنين أو تقييد حقوق المواطنين، ينبغي أن يكون هناك حوار أوسع حول منظومة العدالة الاجتماعية والاقتصادية، ومحاسبة كل من له تأثير على الموارد العامة والتوزيع العادل للثروات.