من التزفيت إلى التصفيف: سطات تحت الأرض!

ضربة قلم
في زمن تترقى فيه المدن نحو مستقبل ذكي، وواجهات حضارية، تباغتنا سطات بمناظر لا تخلو من السريالية: حفرٌ تولد من رحم الحفر، ترقيعاتٌ فوق ترقيعات، وحفاراتٌ تشتغل وكأنها تلعب لعبة “الغميضة” مع أعين الجميع.
اليوم تُزفت جهة، وغدًا تُحفر نفسها الجهة بدعوى إصلاح قنوات، أو مد أسلاك، أو فقط… للتمويه، لأن لا أحد يعلم فعلاً لماذا تُحفر الطرقات بهذا الشغف المستفز.
نحن أمام سياسة الترقاع المستدام:
- ترقيع آني يشبه مكياجًا فوق جرح مفتوح.
- مشاريع غير منسقة تُنفذ بمنطق “شد ليا نقطع ليك”.
- والمواطن، كالعادة، آخر من يعلم، وأول من يتعثر.
من عهد الرئيس “المكردع” إلى عهد الرئيسة “المدعومة“
كل هذا العبث لا يمكن أن نمر عليه دون الوقوف عند مشهد الانتقال السياسي المحلي الذي حدث مؤخرًا في سطات، والذي يمكن وصفه بأدب وحنكة بـ “الكردعة”، أي عملية الإزاحة المفاجئة والمبنية على ملفات مضبوطة لرئيس سابق كثر عليه الكلام وقلّ فيه الإنجاز (أو على الأقل هذا ما يقال في الصالونات)، ليفسح المجال لرئيسة حالية تتلقى دعماً مفرطاً لدرجة تجعلنا نتساءل:
“من يسير من؟”
أهل الرئيسة الحالية فعلاً تمارس صلاحياتها، أم أن الأوامر تصدر من “الظل”، حيث تُدار المدينة من الكواليس؟
طبعًا، نحن لا نملك دليلاً دامغًا، لكن السطاتيين يتساءلون عن السر وراء تتبع البعض لأحوال الشأن المحلي بالمدينة، إن كان حبا وغيرة في المدينة، أم أن “الطنز العكري” أصبح تخصصًا محليًا بامتياز؟
المواطن السطاتي: بين السخرية والمناشدة
وسائل التواصل الاجتماعي تحولت إلى منتديات شعبية لتفريغ الكبت التنموي.
- صور للحفر مصحوبة بهاشتاغات من قبيل #حفرة_الشرفاء و#فين_مشا_الزفت.
- بلاغات استغاثة من ساكنة تشعر أنها في مسلسل لا تنتهي حلقاته.
وباتت النكتة المتداولة تقول:
“سطات ما بقاش خاصها مجلس جماعي… خاصها مقاولة أشغال عمومية تدير بالها في راسها.”
إلى أين يا سطات؟
المدينة اليوم عالقة بين ماضٍ قريب ومشبوه ومستقبل مبهم.
- ميزانيات منفوخة.
- شوارع تُزفت كما لو أن “سارقًا” سيأتي ليسرق الزفت لاحقًا.
وفي ظل كل هذا، تبرز أسئلة تتكرر:
- من يخطط؟ من ينفذ؟ ومن يراقب؟
- أين هو التنسيق بين المصالح الخارجية؟
- لماذا كل هذا الحفر دون أن نرى لا تجديدًا ولا تحسينا؟
- وكيف لمدينة جامعية، تضم أجيال المستقبل، أن تعجز عن تسيير مترات من الزفت دون مهزلة؟
في الختام…
لا أحد يطلب من سطات أن تصير دبي أو سنغافورة، لكن على الأقل، أوقفوا لعنة الحفر. دعوا المدينة تتنفس، تتحرك، تحلم دون أن تسقط في حفرة على بعد متر من باب البلدية.
وإذا لم يكن بالإمكان اجتثاث العبث، فعلى الأقل اجتثوا الحفر، فهي أكثر وضوحًا وأقل خبثًا.
إن مدينة سطات تستحق أفضل من هذا الترقاع السياسي والميداني.