من الدقيق المدعم إلى الخروف المدعم.. ويا حبذا لو أُلغي عيد الأضحى في المغرب!

ضربة قلم
إذا كنا لا نعرف بالضبط من يستفيد من الدقيق المدعم، ولا حتى أصحاب المطاحن الذين جعلوا من طحن القمح والفرينة وسيلة للثراء، فقد تفتقت عبقرية الحكومة المحكومة والعجيبة عن فكرة أكثر دهاءً: دعم الخرفان المستوردة من الخارج! نعم، لم يعد الأمر مقتصرًا على دعم المواد الغذائية الأساسية، بل توسعت القائمة لتشمل “الأضحية المدعمة”، حيث يمكن استيراد خروف واحد من بين آلاف الخرفان بسعر 500 درهم والاستفادة من دعم بقيمة 500 درهم أخرى، ليصبح النقل بالجملة هو القضية الجوهرية!
عيد بأية حال عدت يا عيد؟
كلنا نعلم ما يخلقه اقتراب عيد الأضحى من أزمات مالية ونفسية في الأسر الفقيرة التي تشكل الأغلبية الساحقة في المغرب، هؤلاء الذين لا يزالون يلعبون دور الكومبارس في مسرحية اقتصادية هزلية يُخرجها الكبار ويُنفذها الصغار على خشبة حياة مليئة بالتناقضات. فرحة العيد تتحول عند الكثيرين إلى كابوس، حيث يجد الأب نفسه أمام معضلة الاختيار بين شراء الأضحية أو تسديد فواتير الماء والكهرباء أو حتى تأمين قوت الأسبوع.
دعمٌ لا يصل.. وأزمة لا تنتهي
الدقيق المدعم، الذي يُفترض أنه موجود ليكفل خبز الفقراء، لا يصل إليهم إلا نادرًا، بل يُعاد بيعه في السوق السوداء لمن يدفع أكثر، تمامًا كما ستنتهي قصة “الخرفان المدعمة”. والمفارقة أن الحكومة تظل عاجزة عن إيجاد حلول حقيقية للفئات الهشة، لكنها مستعدة دائمًا للعب دور “بابا نويل” في توزيع الدعم، الذي غالبًا ما يستفيد منه كبار المضاربين والتجار بدلًا من مستحقيه.
حل جذري أم تأجيل للمأساة؟
ماذا لو تم إلغاء عيد الأضحى في المغرب، فكرة تستحق النقاش. أليس من الأولى أن تستثمر الدولة أموال الدعم في مشاريع تخلق فرص عمل دائمة بدلًا من توزيعها في شكل مسكنات موسمية لا تحل المشكلة من جذورها؟
في انتظار عيد بلا ديون..
قد يقال إن العيد شعيرة دينية لا يمكن المساس بها، لكن الأوضاع المعيشية أصبحت تجعل منه امتحانًا قاسيًا للعديد من الأسر. فكم من رب أسرة اضطر إلى الاقتراض أو بيع أثاث منزله لشراء أضحية لن تصمد أمام أعين أبنائه الجائعين سوى بضع ساعات؟ وكم من عائلة تخلت عن ضروريات الحياة فقط لإثبات أنها قادرة على الاحتفال؟
في النهاية، قد لا تُلغى الأضحية، وقد لا يتوقف الدعم، لكن الواقع يثبت عامًا بعد عام أن الأزمة مستمرة.. وأن عيد الفقراء ليس بالضرورة عيدًا سعيدًا.