من السردين إلى السجن المؤجَّل: مول الحوت يصطاد جلسة في المحكمة

ضربة قلم
آه، مراكش! مدينة الشمس والقصور… والمحاكم أيضاً. في حلقة جديدة من المسلسل الوطني “كلنا ضد مول الحوت”، افتتحت المحكمة الابتدائية بمراكش موسمها الرمضاني المتأخر بمحاكمة عبد الإله العجّوت، المعروف في سوق السمك الافتراضي بلقب “مول الحوت”، برفقة سائق طاكسي قرر أن يتحول ليلاً إلى مصوّر سينمائي بدون ترخيص. التهمة؟ إهانة موظفين عموميين أثناء مزاولة مهامهم. الجريمة؟ تصوير دورية أمنية أمام محطة القطار، وكأنها لوحة من المدرسة الواقعية تستحق التأريخ.
في يوم 7 ماي، قرر مول الحوت وصديقه أن يلتقطا لحظة بوليسية عابرة، لكن العدسة لم تكن في صالحهما، فتحولت اللقطة من “ستوري إنستغرام” إلى سيناريو قضائي. أحد عناصر الشرطة، الذي يبدو أنه لم يكن في مزاج فوتوغرافي، تولى إخضاع النجمَين لقوانين التصوير الممنوع، وانتهى المشهد بمحاضر رسمية وأوراق تحرّك النيابة العامة أكثر من حبة أسبرين.
النيابة قررت إعطاء المتهمَين فرصة للتفكير حتى 2 يونيو، وأبقت عليهما في حالة سراح مؤقت، ربما لأن البلاد لا تحتمل أن يخلو سوق السمك من بطل شعبي أو أن تبقى الطاكسيات بلا سائقين هواة في التصوير.
المفارقة التي تستحق جائزة أفضل سيناريو مساعد، هي أن مول الحوت نفسه خرج في فيديو ليؤكد – بوجه بريء وابتسامة أسماك طازجة – أن لا قضية ولا محكمة ولا هم يحزنون، وأن زيارته كانت شخصية، ربما لاحتساء شاي العدالة أو لشراء بسطيلة من كشك القضاء. والده، في مشهد آخر، يكرر الرواية وكأننا في موسم إعادة تدوير الحقائق.
الغريب أن المحكمة لم تشاهد الفيديو ولم تعجبها الرواية، وأدرجت القضية في جدول الجلسات، كأنها تقول لنا: “حتى لو كنت تبيع السردين بخمسة دراهم، القانون ماشي سمك قابل للتفاوض“.
ومع كل هذا، لا تزال شعبية مول الحوت في ارتفاع، تماماً مثل أسعار المحروقات، وقد افتتح مؤخراً نقطة بيع جديدة في أكادير، حيث تهافت المواطنون على الكيلو بخمسة دراهم وكأنهم يتحدّون السوق والدولة والبحر نفسه.
في النهاية، قد لا نعرف من يهين من، ولا متى سيتوقف مسلسل البلاغات والنفي والتصوير، لكن ما نعرفه جيداً هو أن مول الحوت، شاء من شاء ورفض من رفض، أصبح جزءاً من المزاج العام، بين السردين والقانون واللايف المباشر.





https://shorturl.fm/6539m