مجتمعالشأن المحلي

من اللصوص إلى أبطال: كيف يصنع لفتيت “مظلومية” المنتخبين؟

ضربة قلم

خلال اجتماع لجنة الداخلية بمجلس المستشارين لَمّح وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إلى أن المنتخبين هم “عماد الديمقراطية في بلادنا”، وحذّر من أن “الضرب في مصداقيتهم والتشكيك في ذمتهم قد يؤدي إلى فقدان الثقة في التجربة الديمقراطية والمؤسساتية”. وطالب المستشارين البرلمانيين بوضع آليات لحمايتهم من “الحملات المغرضة” على مواقع التواصل الاجتماعي التي “تسيء إلى صورتهم وتقوّض الثقة في المؤسسات المنتخبة”. ثم انتقل للحديث عن مشروع قانون جبائيات الجماعات الترابية، مشيرًا إلى أنه يسعى إلى توحيد إدارة إصدار الرسوم وتحصيلها على المستوى الجهوي، وتبسيط المساطر لتحسين مالية الجماعات، وفرض رسم على الأراضي غير المبنية لمحاربة المضاربة وتنمية المدن، مع تأكيده على أن الموظفين المعنيين سيحتفظون بمكتسباتهم وسيخضعون لتكوينات ترفع من مردوديتهم.

ولكن، إذا كان كلام الوزير صحيحًا حقًّا، فإنه يتبادر إلى الذهن سؤالٌ بديهيّ: أيُعقل أن كل رئيس جماعة أو نائب موقوفٍ بتهم اختلاس المال العام أو استغلال النفوذ يصبح “مظلومًا” بلمسة وزارية؟ إن المطالبة بحماية المنتخبين من النقد العام ليست دفاعًا عن الديمقراطية، بقدر ما هي محاولة لتفريغها من جوهرها؛ إذ إن الثقة بالمؤسسات لا تُستعاد عبر حصانةٍ كاملةٍ للمنتخبين، بل عبر مساءلتهم ومسؤوليتهم أمام القانون. وأي حديثٍ عن “تعزيز الثقة” و”تسهيل التحصيل” يصير ذريعةً لترسيخ المركزيّة والابتعاد عن الشفافية، ما يكرّس المناصب أكثر مما يُعلي من قيمة الخدمة العامة.

الديمقراطية الحقيقية ليست حصانة يُمنحها الوزير لمن يشاء، بل مجهودٌ يوميٌّ للرقابة والمحاسبة، وضمانٌ لحقّ المواطن في سؤال من اختاره ومنع أي استغلال للسلطة باسم “العماد المؤسسي”.

في الختام، نؤكّد أننا لا نعمّم على جميع المنتخبين؛ فهناك من يستحق الثقة والتقدير بفضل نزاهته والتزامه، وهدفنا هو فقط تسليط الضوء على خطورة الحصانة المطلقة التي تُعفِي المخطئين من المحاسبة، لا رفض كل منتخب أو كل تجربة ديمقراطية.

 

ملاحظة: الصورة المرفقة تُعدّ تعبيرية فقط ولا تعكس بالضرورة أشخاصًا أو وقائع بعينها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.