
ضربة قلم
“المهمة” التي أُسندت إليه كانت واضحة : المال هو الهدف. وبالمقابل، كان الحل الوحيد هو صناعة الأنقاض والبقاء فوقها في حالة من الثبات الظاهري الذي لا يعتني إلا بمصلحته الشخصية.
في عالم كرة القدم بالمغرب، هناك فئة قليلة تدير الأمور بحرفية ونجاح حقيقي، بينما نجد فئة أخرى تهتم فقط بـالصفقات المشبوهة وتستغل الأندية لأغراض شخصية. هذه الفئة تهوى اللعب على التوازنات الهشة ولا تراعي سوى المنفعة الشخصية من خلال عمليات “تجارة البشر” التي تظهر جلية في مشهد تسريح اللاعبين لصالح فرق أخرى على حساب الهوية الرياضية والولاء الجماهيري.
المغزى الأساسي هو أن هؤلاء الأفراد لا يترددون في تدمير الفرق التي ترعاها، بل يبيعون اللاعبين كما لو كانوا مجرد سلع في مدن لا غيرة عليها، وهم أكثر اهتمامًا بالأرباح المالية منها بتطوير الأداء الرياضي الحقيقي. العملية ببساطة هي عملية تجارية، لا علاقة لها بالروح الرياضية أو بمستقبل الفرق.
في إحدى الحكايات المأساوية، نجد أحد الأفراد الذي تسبب في إفلاس فريق رياضي لم يكن فقط في دائرة الاهتمام، بل كان يحمل عبءًا تاريخيًا مهمًا. في خطوة نعجز عن وصفها وغير مسؤولة، قام ببيع اللاعبين الذين كانوا يُعتبرون نواة الفريق، ليُدفع بهم بعيدًا عن الأرض التي حملوا قميصها، ليضعوا مستقبلاً رياضيًا في أيدٍ أخرى بعيدة عن إرادة المشجعين.
ومن المؤسف أن المواقف التي تشهدها المحمدية تعد نموذجًا حيًا لواقع أوسع في بعض الفرق الرياضية، حيث لا يبدو أن اللاعبين أو حتى الفرق كانت أولوية في هذا المشهد. الكرامة الرياضية في هذا السياق أصبحت مجرد رماد يُعبث به وتُحرق فصوله في حسابات بعيدة عن العدالة الرياضية.
ومن الواضح أن هناك حالة من الكره العميق تجاه كل ما هو أخضر، في إشارة إلى الرجاء الرياضي، الذي كان بالنسبة له منذ ظهوره خلال السنوات الأخيرة بمثابة العدو التاريخي. وهذه العداوة – رغم ما قد يراها البعض خلافًا رياضيًا طبيعيًا – تحمل في طياتها أمورا صبيانية ورغبة غير مبررة في التفوق على الآخر، خاصة عندما يتحول إلى عداء غير رياضي يُشكل تهديدًا حقيقيًا لبنية توازن الرياضة الوطنية.
هل يمكننا القول إن هذا الشخص هو مجرد سمسار بشري لا يهمه إلا التجارة في اللاعبين، ويُسهم في جعل الرياضة تتحول من شغف إلى صفقات تجارية؟ ربما، لكن من المؤكد أن مثل هؤلاء الأفراد يساهمون في تدمير كل ما هو نبيل في عالم الرياضة، ويجعلونها مجرد حلبة تنافس من أجل المصلحة الشخصية، بعيدًا عن المبادئ والروح الرياضية التي يفترض أن تسود.
في النهاية، إن ما يعكسه هذا السلوك هو صورة سلبية حول أخلاقيات الرياضة، حيث يُضَحَّى بـالهوية والتاريخ والكرامة الرياضية في سبيل المال والمصالح الخاصة. وقد تكون هذه الصفقات جزءًا من مشهد أوسع يعكس الظروف السياسية والاجتماعية التي تساهم في تحويل الرياضة من شغف جماهيري إلى مجرد تجارة رخيصة تُفرغ الرياضة من قيمتها الإنسانية الحقيقية.
في هذه القصة المليئة بالصفقات غير المعلنة والمصالح الضيقة، يظل السؤال قائمًا: هل يمكننا إعادة التوازن إلى هذه الرياضة المغتصبة؟ وهل ستظل الكرة المغربية رهينة في يد هؤلاء الذين يعبثون بمقدراتها؟