مجتمع

من يوقف هذا المسلسل: كرامة الأستاذ على المحك!

ضربة قلم

 من “سلوك فردي” إلى “أزمة بنيوية

كثيرون سارعوا إلى تصنيف هذه الحوادث تحت خانة “السلوك الفردي” أو “الانحراف الشخصي”، لكن الوقائع، حين تتكرر بهذا الشكل المريع، لا يمكن ردها إلى مجرد نزوة عابرة أو رد فعل غير محسوب. نحن أمام ظاهرة تتطلب تفكيكاً عميقاً لعواملها المتشابكة: النفسية، التربوية، الاجتماعية، القانونية وحتى السياسية.

 عنف المراهقين: حين يغيب الأفق

الشباب الذين تورطوا في هذه الاعتداءات تتراوح أعمارهم بين 17 و21 سنة، وهي فئة عمرية تعيش ما يمكن تسميته بـ”الانفجار الوجداني” نتيجة ضغوط اجتماعية واقتصادية ونفسية. هؤلاء يعيشون واقعًا مأزوماً:

  • غياب أفق واضح للمستقبل.
  • تراجع دور الأسرة في التربية.
  • شُحّ في التأطير النفسي داخل المؤسسات.
  • ثقافة شعبوية تمجد التمرد وتحتقر السلطة الرمزية (الأستاذ، المدير، رجل القانون…).
  • وهيمنة المحتوى الرقمي العنيف والفوضوي في غياب رقابة.

 المؤسسة التعليمية: حلبة بلا حماية

ما يزيد الوضع سوءًا هو هشاشة منظومة الحماية داخل المؤسسات التعليمية:

  • لا وجود فعلي لأعوان حراسة مؤهلين للتعامل مع مثل هذه الحالات.
  • ضعف التنسيق بين الإدارة والمؤسسات الأمنية.
  • غياب بنية استباقية لتشخيص الحالات “ذات القابلية للعنف”.
  • وتجاهل تام للتربية النفسية والتربية على التعايش ضمن المناهج الدراسية.

 أين هيبة الأستاذ؟

الاعتداءات الأخيرة تكشف حجم التراجع المهول في هيبة رجل التعليم. لم يعد الأستاذ ذلك “المربي” الذي يفرض الاحترام بوقاره ومكانته، بل صار – في نظر البعض – خصمًا في “مباراة” اجتماعية يختلط فيها الحقد بالفشل، والعجز بالعنف.

والمسؤولية هنا لا يتحملها التلميذ وحده، بل منظومة كاملة:

  • وزارة تخلت عن دعم المعلم وتكوينه.
  • إعلام يهمش قضايا التعليم ولا يدافع عن رموزه.
  • مجتمع صار يرى في التعليم عبئًا لا رافعة.

 الردع أم الإصلاح؟

يطالب البعض بسنّ قوانين زجرية صارمة لحماية الأطر التربوية. وهذا مطلب وجيه، لكن وحده لا يكفي. الردع لا يُغني عن الإصلاح:

  • نحن في حاجة إلى إدماج وحدات التربية النفسية في كل المستويات.
  • إلى تفعيل دور المستشارين الاجتماعيين داخل المؤسسات.
  • إلى تأطير الأسر ودعمها في فهم حاجيات أبنائها.
  • إلى تجديد صورة الأستاذ في مخيلة المجتمع.

 وقفة تأمل

ما وقع في آرفود وأكنول وخنيفرة يجب ألا يمر كخبر عابر في نشرة المساء. إنها لحظة تستدعي:

  • إعادة نظر شاملة في علاقتنا بالتعليم.
  • مراجعة جريئة للأدوار: من الأسرة إلى المدرسة إلى المجتمع.
  • وخلق حوار وطني صريح حول الشباب، والعنف، ومستقبل التربية في مغرب اليوم.

المدرسة أو السجن… القرار يبدأ من السياسة التربوية.

وإن لم نحمِ الأستاذ، فسنحمي الجلاد.
وإن لم نعطِ للشباب أملًا، فسيتحول إلى قنبلة موقوتة.

فهل ننتظر الكارثة الكبرى… أم نبدأ الإصلاح الآن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.