مجتمعسياسة

مهرجان القروض الجماعية: حفلة الديون وسهرة الصفقات المشبوهة!

ضربة قلم

في مشهدٍ لا ينقصه سوى البساط الأحمر وفرق الفولكلور، قرر المجلس الأعلى للحسابات أخيرًا أن يلقي نظرة على الحفل الباذخ الذي أقامته بعض الجماعات الترابية بأموال القروض. نعم، فقد استيقظ المفتشون على حقيقة أن بعض الجماعات لم تكتفِ بتحويل المال العام إلى “تحف ديكورية” لمشاريع لم تكتمل، بل تفننت في رسم معالم الكارثة المالية القادمة!

الإنجازات: طرق غير معبدة، إنارة لا تضيء، ومرافق أشبه بالأطلال

هل سمعتم عن الجماعات التي حصلت على قروض من “بنك التنمية الترابية” لتمويل مشاريع البنية التحتية؟ حسنًا، يبدو أن بعض هذه المشاريع لم تكن سوى “خيال علمي”، فالمفتشون وجدوا طرقًا لم تُعبد، وإنارة عمومية لا تضيء إلا جيوب البعض، ومرافق شيدت لتكون شاهدًا على الإبداع في هدر المال العام. والنتيجة؟ مديونية خيالية دون أي أثر ملموس على الواقع، اللهم إلا بضعة لافتات مشاريع مهترئة تقول لك: “هذا المشروع ممول من قروض لن تُسدد أبدًا!”

القروض.. ذهب البعض بها إلى السوق!

التحقيقات الجارية كشفت عن أن بعض رؤساء الجماعات، والذين تحولوا بقدرة قادر إلى نواب في البرلمان، لم يكونوا مجرد مسيّرين لهذه القروض، بل كانوا مستثمرين فيها! نعم، فقد استغلوا مناصبهم وقرروا أن يمنحوا مشاريع البنية التحتية لمقاولاتهم الخاصة، في مشهد يجمع بين “الذكاء المالي” و”العبقرية في التحايل”. وعندما بدأت أصابع الاتهام تتجه نحوهم، بادروا بالضغط على لجان برلمانية كي تتحدث عن “الأزمة التي تعانيها المقاولات الصغرى والمتوسطة”، وكأن المشكل ليس في نهب الأموال، بل في عدم كفايتها لتغطية مصاريف حفلات التدشين الوهمية!

تدقيق.. أم محاولة للملمة الفضائح؟

القانون يقول إن الجماعات تخضع للمراقبة، والتقارير يتم توجيهها للمجالس المختصة، لكن، دعونا نكن واقعيين، كم مرة شاهدنا تقارير تكشف عن اختلالات خطيرة؟ وكم مرة رأينا رؤساء جماعات يغادرون مناصبهم ليجدوا أنفسهم نوابًا في البرلمان بدل أن يكونوا ضيوفًا في قاعات المحاكم؟ المشكلة ليست في اكتشاف الفساد، بل في “الكرم الزائد” الذي يسمح للمفسدين بأن يواصلوا مسيرتهم في استنزاف المال العام، وكأنهم يشاركون في سباق ماراثوني للفوز بأكبر عدد ممكن من الصفقات قبل أن تحين لحظة الحساب!

في انتظار النهاية… أو حلقة جديدة من مسلسل النهب

بين تدقيق هنا وتحقيق هناك، لا يزال المواطن العادي يتساءل: متى سيخرج المجلس الأعلى للحسابات من مرحلة التوصيات إلى مرحلة المحاسبة الفعلية؟ متى نرى مسؤولًا سابقًا يقف أمام القضاء بدل أن نراه في منصبٍ جديد؟ حتى ذلك الحين، لا يسعنا سوى متابعة هذا العرض الساخر الذي تتكرر فيه الفصول، بينما يزداد رصيد البعض… وينقص رصيد الجماعات!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.