مجتمع

موت في طريق 4042: قصّة تسعة أرواحٍ وغبار الطرق

ضربة قلم

في مساء يغلفه الهدوء الزائف، وعلى الطريق الإقليمية الرابطة بين دوار تعاونية الحوش وقيادة زيرارة بإقليم سيدي قاسم، كانت شاحنة تهرول، وسيارة كبيرة تقل أبناء قرية، أحلامهم، همومهم، وجيبهم القليل، كل ذلك معبّأ بين قضبان المعدن.
ثم في لحظة واحدة، اختلطت الصرخات بالدخان، والصوت باغت الصمت، وصار الطريق شاهدًا على تسعة أرواحٍ انطفأت.

تسعة أسماء ستُقرّ في مستودع الأموات، وتسعة دفاترٍ تُغلق إلى الأبد، وتسعة بيوتٍ تهوي في العتمة، كلٌ منها يئنّ بفقدان، يئنّ بالوجع.

الفقرة الساخرة المُرّة

إنه عصر العجلات، عصر السرعة، وعصر أن تتحوّل الشوارع إلى مضامير للموت، حيث لا تراعي فيها لا قوانين الزمن ولا قدر الإنسان.
نطلق صفارة الإنذار في حكايات السلامة، ثم ننسى، ونترك الشوارع تقضمنا بصمتها.
أن تشحن الناس كما تُشحن السلع، وأن تُقاس الأرواح بثمن الوقود، هو من سخرية الزمن: أن يكون الطريق أقدر على أن يقتل الحلم من أن يوصل الوجهة.

الدموع التي لا تُرى

تَخيّل الأم التي تنتظر ابنها، تجهّز العشاء وهي تراقب بصيص الضوء في النافذة، ثم لا يعود إلى الدار.
تخيّل الأب الذي يُرسل رسالة “في الطريق”، فتصله كلمات “ماتوا جميعًا”، ولا حوار ليتجاوزها.
تخيّل الفتاة التي تودّع أختها في الصباح، فتستيقظ على نبأ أن لا أخت بعد اليوم.

الأرقام تقول: 9 قتلى، 6 جرحى.
لكن القلوب تقول: كثيرة هي الأرواح التي تذوب في الليل، والدمع يُسكب في الصباح، ويُدفن في الصمت.

عظة لمن يقرأ

لا تنتظر أن يكون الموت قريبًا لتحزن.
ولا تنتظر أن تُراقب الحادث على الشاشة لتُثير بكاؤك.
كن حارسًا للطريق، مدافعًا للسلامة، وناقلًا للوعي، ولو بكلمة تُرفع في المجلس أو في صفحتك.

لأن الطريق لا يُسامح، والسرعة لا تُرحم، والإنسان لا يُعوض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.