موجة حر خانقة تُهدد المغرب: حين يصبح الصيف اختبارًا للصبر والتحمّل

ضربة قلم
يشهد المغرب خلال الأيام المقبلة موجة حر استثنائية، بدأت ملامحها تتصاعد من الجنوب والشرق، في اتجاه الوسط والشمال. درجات حرارة مرشحة لتجاوز حاجز 47 درجة مئوية في عدد من المناطق، من بينها بني ملال، مراكش، سطات والفقيه بن صالح، في وقت تواصل فيه باقي المدن تسجيل أرقام غير معتادة مع بداية موسم الصيف، ما يجعل الأسابيع المقبلة أشبه بجحيم ممتد.
ورغم أن الحرارة ليست جديدة على بلدنا، إلا أن تكرار موجات الحر بهذه الحدة وتوزيعها الزمني المتقارب، يعكس تحولات مناخية أصبحت تفرض نفسها بقوة، وتدفع بالبلاد إلى حالة إنذار شبه دائم، خاصة في صفوف الفئات الهشة.
المثير للقلق أن مؤشرات هذه الموجة لا تقتصر على الحرارة فقط، بل تترافق مع رطوبة مرتفعة في بعض المدن الساحلية، وتهديدات محتملة بانقطاعات كهربائية وحرائق غابوية، فضلًا عن تفاقم الوضع الصحي لدى كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة.
في الدار البيضاء مثلًا، من المنتظر أن تتجاوز درجات الحرارة سقف 32 درجة مئوية يومي الجمعة والسبت، وهو ما يُعتبر مرتفعًا نسبيًا لعاصمة اقتصادية اعتاد سكانها على مناخ بحري معتدل. أما في مدن الداخل، فالتوقعات تُشير إلى أيام ملتهبة تتطلب يقظة جماعية واستعدادات عاجلة.
ولا يتعلق الأمر فقط بالأرقام، بل بما تكشفه من هشاشة في البنية التحتية والخدمات العمومية، وغياب خطة وطنية فعالة لتدبير “الحرارة القصوى” كظرف طارئ، تمامًا كما يتم التعامل مع الفيضانات أو موجات البرد القارس.
إن موجة الحر المرتقبة ليست فقط ظاهرة طبيعية، بل مرآة لواقع مناخي واجتماعي متشابك، يكشف عن الحاجة الملحة إلى سياسات مناخية جادة، واستراتيجيات وقائية تضع الإنسان في قلب المعادلة.
إنه صيف جديد… لكنه أكثر سخونة، وأكثر تطلبًا للمسؤولية.




