مجتمع

موخاريق سب بنكيران وسكت على الفضيحة!

ضربة قلم

في زمن تتداخل فيه الشعارات بالمصالح، وتُصبح فيه الأصوات التي تدّعي تمثيل الطبقة العاملة أكثر حرصاً على مقاعدها من هموم الشغيلة، يطل علينا الميلودي موخاريق بتصريحات تهاجم عبد الإله بنكيران، لكنها -ويا للمفارقة- لا تجرؤ على نفي أخطر ما جاء في كلام هذا الأخير: اتهام النقابات بـ”البيع والشراء في الطبقة العاملة”.

هنا يكمن جوهر القصة. فمهما كانت الخرجات الخطابية والتصريحات النارية، تبقى الحقيقة واضحة للعيان: موخاريق لم يُكذب بنكيران، لم يُنكر أن بعض النقابات أصبحت فعلاً جزءاً من شبكة المصالح، بل كل ما فعله هو تسديد ضربات شخصية لبنكيران، انطلاقاً من “الفقسة” القديمة التي لم تندمل منذ انتخابات سابقة دعت فيها النقابة إلى معاقبته وحزبه. لكن، هل الخلاف السياسي يعفي من الرد على اتهامات تمس جوهر العمل النقابي؟ أين الدفاع عن سمعة النقابات؟ أم أن الصمت أبلغ من الكلام في هذه الحالة؟

موخاريق، وهو الذي يُفترض أن يمثل وجدان العمال ويدافع عن حقوقهم، لم يجد في كل ما قاله بنكيران سوى فرصة لتصفية الحسابات، وراح يتهكم على معاشه وتاريخه السياسي، لكنه لم يقرب بيت القصيد: الاتهامات الخطيرة بالارتشاء وتلقي الأموال على حساب الطبقة الكادحة. أليس حرياً برجل نقابي أن يخرج ببيان غاضب يفند فيه بالأرقام والوقائع ما قاله بنكيران؟ أم أن من يُصيب الحقيقة يُجابَه بالصمت الموارب؟

ثم ما معنى أن يتحدث موخاريق عن استقلالية النقابات عن الأحزاب، في حين أن الجميع يعلم كيف أصبحت بعض المركزيات النقابية أذرعاً سياسية للسلطة أو أدوات لتصفية المعارضين؟ وأي استقلالية يتحدث عنها من لم يُنكر أن الاتحاد المغربي للشغل أصبح طرفاً فاعلاً في لعبة انتخابية يدعو فيها إلى معاقبة هذا الحزب أو ذاك؟ أليس ذلك تدخلاً مباشراً في الميدان السياسي الذي يُفترض أنه خارج أجندة النقابات؟

ما يثير السخرية أكثر هو استعلاء الخطاب، حيث يتحدث موخاريق عن من يستحق أو لا يستحق دعوته إلى مؤتمره، وكأن الأمر يتعلق بمنتدى شخصي أو نادٍ خاص، وليس منظمة نقابية يُفترض فيها الانفتاح على الجميع والدفاع عن مصالح الشغيلة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية. وهل من المقبول أن تُدار شؤون نقابة وطنية بمنطق “ما حاشيناهش”؟

أسئلة كثيرة تُطرح، لكن أهمها يبقى: لمَ لمْ يُنكر موخاريق التهمة؟ هل لأن بنكيران قال ما لا يُقال علناً؟ أم لأن الواقع أكثر فظاعة مما يمكن نفيه؟

الطبقة العاملة لا تحتاج لمن يذكرها بمصائب التقاعد والاقتطاعات ورفع السن، فهي تعيشها كل يوم. ما تحتاجه فعلاً هو من يدافع عنها بشرف ونزاهة، لا من يهاجم خصومه ثم يختبئ خلف صمت مريب حين يتعلق الأمر بسمعة النقابة نفسها.

لقد قال بنكيران إن هناك نقابات “كتمشي الفلوس للجيوب”، وقال “اللي كذبني يمشي لدار شي واحد من مسؤوليها”، وكان على موخاريق -إن كان فعلاً في موقع المدافع عن شرف العمل النقابي-  أن يرد ليس على بنكيران، بل على من يصدقونه. لكنه لم يفعل. وهذا هو المهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.