مجتمعسياسة

“مول الشكولاتة” يُعيد تشكيل التعليم على مقاس التجمع… ووزارة التربية تدفع الفاتورة!

م-ص

الإعفاءات الأخيرة التي هزّت وزارة التربية الوطنية، والتي أطاحت بـ16 مديرًا إقليميًا دفعة واحدة، جاءت كالصاعقة على رؤوس المهتمين بالشأن التعليمي، لكنها لم تكن مجرد قرارات إدارية بقدر ما كانت زلزالًا سياسيًا ترددت أصداؤه داخل أروقة حزب التجمع الوطني للأحرار. أما اللاعب الجديد في الحزب، سعد برادة، الملقب بـ”مول الشكولاتة” وصديق عزيز لعزيز أخنوش، فقد وجد نفسه في قلب هذه العاصفة، وسط تساؤلات مشروعة حول توقيت هذه الإعفاءات وسياقاتها. وما زاد الطين بلة، تعيين برادة لمنسق الحزب مديرًا إقليميًا بالناظور، في خطوة أثارت مزيدًا من الجدل حول طبيعة هذه التغييرات وما قد يكون مخفيًا خلف الكواليس.

قرار مفاجئ أم خطوة مدروسة؟

لم يكن التوقيت عشوائيًا، فقد جاءت هذه التغييرات في مرحلة حساسة جدًا، حيث لم يتبقَ سوى سنة ونصف على انتهاء المدة المحددة لتنفيذ “خارطة الطريق” الإصلاحية لقطاع التعليم. هنا يبرز السؤال: هل كانت هذه الخطوة ضرورية لدفع عجلة الإصلاح، أم أنها مخاطرة غير محسوبة قد تعرقل مسار المخطط الإصلاحي بدل تسريعه؟

الآراء حول هذه القرارات انقسمت إلى معسكرين: فريق صغير يرى فيها خطوة استباقية لضمان أن يكون المسؤولون المحليون أكثر التزامًا وجدية في تنفيذ الإصلاحات المتبقية، وفريق آخر يشكل الاغلبية، يعتبرها إجراءً مرتجلًا قد يؤدي إلى إحداث فراغ إداري وارتباك في تنزيل المشاريع، خصوصًا أن استبدال مسؤول في قطاع حساس كالتعليم ليس بالأمر الهين، بل يتطلب وقتًا طويلًا للتأقلم وفهم الملفات الجارية.

هل الإصلاح بحاجة إلى “تطهير”؟

البعض يرى أن قرارات الإعفاء لم تكن سوى محاولة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للوزارة، وإقصاء المسؤولين الذين لم يُظهروا الفعالية المطلوبة في تنزيل السياسات الجديدة. فإقالة مدير إقليمي ليست مجرد حركة إدارية، بل رسالة مشفرة إلى كل من يعتقد أن موقعه محصن من المساءلة. لكن في المقابل، هناك من يرى أن هذه الإجراءات قد تكون ذات طابع انتقائي أكثر من كونها إصلاحية حقيقية، حيث لم يتم الإعلان عن معايير واضحة تبرر هذه الإعفاءات، مما يفتح المجال لكل التأويلات والشبهات.

الإعفاءات في مواجهة خارطة الطريق

“خارطة الطريق” التي بشّرت بها الوزارة، والتي تهدف إلى إحداث تحول جذري في المنظومة التعليمية، تستلزم استقرارًا إداريًا لتنفيذها بسلاسة. وإذا كانت الوزارة قد قررت التخلص من مديريها الإقليميين في هذه المرحلة، فهذا يعني أنها إما اكتشفت فجأة أنهم لم يكونوا في مستوى المهمة، أو أنها تحاول إحداث تغيير سريع بأي ثمن. وفي كلتا الحالتين، فإن الرهان الحقيقي الآن هو مدى قدرة الوزارة على تعويض هؤلاء المسؤولين بسرعة ودقة، بأشخاص قادرين على مواكبة التحديات دون أن يُحدث ذلك خللًا إضافيًا.

المحصلة: خطوة جريئة أم مغامرة غير محسوبة؟

في النهاية، تبقى هذه الإعفاءات جزءًا من لعبة سياسية وإدارية أكبر من مجرد قرارات عادية. فإذا نجحت الوزارة في ضخ دماء جديدة قادرة على تسريع وتيرة الإصلاح، فستُحسب لها هذه الخطوة كإجراء استراتيجي جريء. أما إذا أدى ذلك إلى المزيد من التخبط الإداري، فإن هذه القرارات ستُسجَّل كتسرع غير مبرر في لحظة كان فيها القطاع بأمسّ الحاجة إلى الاستقرار.

السؤال الكبير الآن: هل ستكشف الأيام القادمة أن هذه الإعفاءات كانت بداية لإصلاح حقيقي، أم أنها مجرد عملية تجميلية ستُضاف إلى قائمة المحاولات الفاشلة في إصلاح التعليم المغربي؟ وما خفي قد يكون أعوص!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.