مجتمع

نتائج البكالوريا 2025: لحظة الحقيقة في زمن الإصلاحات الموعودة

ضربة قلم

أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أخيرًا، عن النتائج النهائية للدورة العادية لامتحانات البكالوريا برسم سنة 2025، بعد استكمال المداولات على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، لتنتهي بذلك مرحلة من الترقب والقلق، ويُفتح باب التقييم الوطني والعمومي لأحد أبرز محطات النظام التعليمي بالمغرب.

أرقام النجاح.. إناث يتصدرن، وأحرار يتراجعون

ووفق المعطيات الرسمية الصادرة عن الوزارة، فقد تمكن 250.075 مترشحة ومترشحًا من النجاح في الدورة العادية لهذه السنة، من بين المتمدرسين في القطاعين العمومي والخصوصي، شكلت الإناث نسبة مهمة منهم بلغت 154.918، ما يعادل أكثر من 61% من الناجحين، في استمرار لظاهرة تفوق الفتيات في الامتحانات الوطنية، والتي باتت تفرض نفسها كمؤشر اجتماعي وتربوي يحتاج إلى تحليل معمّق.

من جهة أخرى، بلغ عدد الحاضرين من المتمدرسين لاجتياز الاختبارات 374.371 مترشحة ومترشحًا، بنسبة حضور بلغت 97.14%، وهي نسبة عالية تثبت انخراطًا فعليًا في العملية التعليمية رغم ما يعرفه الموسم الدراسي من توترات ظرفية مرتبطة بالإضرابات القطاعية وارتباك الزمن المدرسي.

أما المترشحون الأحرار، فقد بلغ عدد الحاضرين منهم 71.361 مترشحة ومترشحًا، بنسبة حضور لم تتجاوز 64.42%. والمثير في هذا السياق هو الانخفاض الطفيف في نسبة النجاح في صفوفهم، والتي لم تتعدَّ 36.95%، مقابل 39.56% في السنة الماضية. وهو ما يطرح أسئلة ملحة حول جدوى دعم هذا المسار وفعالية الإعداد الذاتي في غياب تتبع تربوي مؤطر.

النجاح بالكم.. وماذا عن الكيف؟

ورغم الطابع الاحتفالي الذي يميز لحظة الإعلان عن النتائج، تبرز الحاجة إلى فتح نقاش أعمق حول ما وراء الأرقام، فالنجاح في البكالوريا لا يعني بالضرورة جاهزية التلاميذ لمواجهة متطلبات التعليم العالي أو الاندماج في سوق الشغل، خاصة في ظل مؤشرات متكررة تؤكد ضعفًا بنيويًا في المكتسبات الأساسية في بعض المواد، وانفصالًا بين محتويات المقررات الدراسية وواقع التحولات الرقمية والمعرفية المتسارعة.

نقطة الضوء… وإرث التحديات

لا يمكن إنكار أن تنظيم امتحانات البكالوريا بهذا الشكل الموحد على الصعيد الوطني، يظل من بين أبرز الممارسات المؤسسية التي راكمها المغرب، في زمن تعاني فيه الكثير من الأنظمة التعليمية المجاورة من الاضطرابات والانقطاعات. لكن هذه الإنجازات لا تحجب التحديات الكبيرة التي تطرحها الخريطة المدرسية، من تفاوتات مجالية صارخة، واختلالات بنيوية في البنية التحتية للمؤسسات، وصعوبة الوصول إلى الدعم البيداغوجي النوعي، خاصة في المناطق القروية والنائية.

هل هي نهاية محطة أم بداية مسار؟

بانتهاء الدورة العادية وصدور النتائج، يدخل التلاميذ وأولياؤهم مرحلة جديدة من الترقب: الدورة الاستدراكية المقررة قريبًا، ثم مرحلة التوجيه ما بعد البكالوريا، بكل ما تحمله من ارتباك في الاختيارات وضبابية الآفاق، خاصة في ظل ضعف التأطير والتوجيه المدرسي الفعّال، وغياب الربط المنهجي بين التعليم الثانوي والجامعة أو مراكز التكوين المهني.

كلمة أخيرة:

تُعدّ لحظة الإعلان عن نتائج البكالوريا لحظة فاصلة في مسار الآلاف من الأسر المغربية، لكنها تظل لحظة عابرة إن لم تتحول إلى منطلق لتقييم أعمق لنظام تعليمي بحاجة ماسّة إلى مصالحة حقيقية مع محيطه الاجتماعي والتنموي. فليس المهم فقط من حصل على شهادة البكالوريا، بل الأهم هو: ماذا سنفعل بها، ولأجل أي غد نُعدّ أبناءنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.