نزع الملكية ومدى ارتباطه بالصالح العام: قطار البراق نموذجًا

ضربة قلم
يُشكّل مشروع تمديد خط القطارات ذات السرعة الفائقة من القنيطرة إلى مراكش خطوة طموحة في مسار التنمية والبنية التحتية بالمغرب، خصوصًا في سياق الاستعدادات لاحتضان مونديال 2030. ورغم أن مشاريع البنية التحتية الكبرى غالبًا ما تُبرّر بنزع الملكية باعتباره ضرورة للصالح العام، إلا أن هذه العملية لا تخلو من تداعيات اجتماعية واقتصادية تستدعي نقاشًا معمّقًا.
نزع الملكية: بين القانون والواقع
أُعلن في أواخر يناير وبداية فبراير 2024، عبر العدد 7380 من الجريدة الرسمية، عن قرارات تقضي بنزع ملكية حوالي 400 قطعة أرضية وعقارية وفلاحية بجهتي الدار البيضاء-سطات ومراكش. هذه الأراضي، التي يشملها الامتداد الجديد لخط القطار فائق السرعة، تعود ملكيتها لأفراد ومؤسسات، كما أن بعضها مثقل برهون وتقييدات قانونية، فضلًا عن أن جزءًا منها موضع نزاعات قانونية.
وتشير المعطيات إلى أن نزع الملكية شمل أراضي مملوكة لأطراف بارزة، من بينها الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي، والدة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. الأمر الذي يسلط الضوء على اتساع نطاق التأثير، ليشمل حتى العقارات التابعة لشخصيات مرموقة.
امتداد الخط السككي: توزيع القطع المنزوعة
وفقًا للمقررات الصادرة، توزعت الأراضي المنزوعة ملكيتها على النحو التالي:
- بإقليم بنسليمان (جهة الدار البيضاء-سطات): التخلي عن ملكية سبع قطع أرضية لتوسيع محرم الخط السككي بين النقطتين الكيلومتريتين 352+270 و900+271.
- بجماعة حربيل (عمالة مراكش): نزع ملكية 24 قطعة أرضية لإنشاء جزء من الخط السككي بين النقط الكيلومترية 522+349 و523+444 و526+564 و534+104.
- بين القنيطرة ومراكش: نزع ملكية 241 قطعة أرضية موزعة بين النقط الكيلومترية 308+460 و308+939 و068+310 و922+310 و122+311 و000+316 و917+03 و775+05.
- بجماعة عين عتيق (عمالة الصخيرات-تمارة): نزع ملكية 73 قطعة أرضية بين النقطتين 591+253 و436+259.
- بمقاطعة احصين (سلا): التخلي عن 53 قطعة أرضية بين النقطتين 938+227 و287+230.
بين تكلفة المشروع وأسعار الخدمات
لا شك أن مشروع القطار فائق السرعة يدخل ضمن الرؤية الاستراتيجية لمغرب أكثر حداثة، سواء في البنية التحتية أو الاستعدادات الكبرى مثل مونديال 2030. لكن يظل التساؤل قائمًا: هل يستفيد المواطن العادي من هذا المشروع؟ فرغم مزايا السرعة والراحة، إلا أن تسعيرة “البراق” تضاهي في كثير من الأحيان نظيراتها في أوروبا، بينما الفجوة بين متوسط الأجور محليًا وأوروبياً تظل كبيرة.
إن نزع الملكية باسم المنفعة العامة يجب أن يُقابل بمنفعة حقيقية تعود على عموم المواطنين، سواء عبر تحسين خدمات النقل بأسعار معقولة أو تقديم تعويضات عادلة للمتضررين من نزع الملكية، بما يضمن تحقيق التوازن بين التنمية واحترام حقوق الأفراد.