نزيف المواهب يستمر… والرجاء تحت ضغط الأزمة: ثلاثة لاعبين يغادرون صوب الدوري الليبي!

ضربة قلم
يبدو أن سفينة الرجاء الرياضي لا تزال تتأرجح وسط أمواج الأزمات المالية التي تعصف بالفريق منذ فترة، فبعد سلسلة من المشاكل التي جعلت النادي تحت طائلة المنع من الانتدابات، تتجه ثلاثة أسماء بارزة من “القلعة الخضراء” نحو مغادرة القلعة الخضراء، حاملين معهم ذكرياتهم مع النسور، ومتوجهين إلى وجهة قد لا تكون الأكثر شعبية بين اللاعبين المغاربة: الدوري الليبي.
مغادرة اضطرارية أم خيار استراتيجي؟
الحديث عن انتقال لاعبين من نادٍ بحجم الرجاء إلى الدوري الليبي لم يكن ليُطرح في سنوات سابقة، حيث لطالما كان النادي الأخضر محطة جذب للاعبين وليس محطة عبور نحو وجهات أقل تنافسية. لكن الوضع الحالي للفريق، الذي يُعاني من تبعات الديون والأحكام الصادرة لصالح لاعبين ومدربين سابقين، جعل من المستحيل الحفاظ على استقرار التركيبة البشرية، في ظل غياب السيولة الكافية لتغطية المستحقات العالقة.
اللاعبون الثلاثة الذين قرروا الرحيل ليسوا مجرد أسماء هامشية، بل هم عناصر كانت تُعوّل عليهم الجماهير لتعويض بعض الثغرات التي ظهرت في الفريق سابقا. لكن، وكما يقول المثل، “اليد قصيرة والعين بصيرة”، فلا الإدارة قادرة على إقناعهم بالبقاء، ولا العقود الحالية تتيح هامشًا كبيرًا للمناورة في ظل الوضعية المالية الحرجة.
الرجاء ممنوع من الانتدابات… فكيف سيعوض رحيلهم؟
الوضع الذي يعيشه الرجاء الرياضي يمثل تحديًا كبيرًا. قرار المنع من الانتدابات يعني أن النادي مجبر على الاعتماد على لاعبيه الحاليين في وقت يحتاج فيه إلى تعزيز صفوفه لمواصلة المنافسة على الألقاب. وحتى المبادرات التي قامت بها بعض الوجوه من اللاعبين القدامى لجمع التبرعات، لا تكفي لحد الآن لسد الفجوة المالية الكبيرة التي يعاني منها النادي.
الإدارة بحاجة إلى رؤية طويلة المدى لمواجهة هذه الأزمة، وهذا يتطلب إدارة مالية محكمة وإعادة النظر في بعض القرارات. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من المفيد التفكير في بناء قاعدة جماهيرية داعمة تمكّن الفريق من الحصول على موارد إضافية، سواء عبر الشراكات التجارية أو تحفيز الجماهير لدعم النادي بشكل أكبر.
المشكلة الحقيقية تكمن في القدرة على تحفيز اللاعبين الحاليين على تقديم أفضل أداء رغم الضغوطات. الجماهير الرجاوية بحاجة إلى أن ترى خطة واضحة لإنقاذ الفريق، لا مجرد وعود فارغة.
هل الدوري الليبي أصبح خيارًا جذابًا؟
انتقال اللاعبين المغاربة إلى الدوريات الخليجية أو الأوروبية أمر مألوف، لكن الوجهة الليبية تطرح أكثر من علامة استفهام. فبالرغم من أن بعض الأندية الليبية بدأت تستعيد عافيتها بعد سنوات من التراجع، إلا أن مستوى الدوري هناك لا يزال بعيدًا عن الدوريات العربية الكبرى مثل الدوري المصري أو السعودي أو القطري. فهل هي مسألة عروض مالية مغرية تفوق ما يمكن أن يحصل عليه اللاعبون داخل المغرب؟ أم أن الخيارات المتاحة لهم أصبحت محدودة لدرجة دفعتهم لقبول أي عرض يضمن لهم الاستمرارية المهنية؟
الجماهير بين الغضب والتفهم
داخل أوساط عشاق الرجاء، هناك انقسام واضح بين من يرى أن اللاعبين الثلاثة خانوا الفريق بتركه في هذه الظروف الصعبة، ومن يتفهم قرارهم بحكم أن كرة القدم مهنة في النهاية، واللاعب يبحث عن الاستقرار المادي قبل كل شيء. لكن، بغض النظر عن الموقف الشخصي لكل مشجع، فإن الحقيقة المرة هي أن الرجاء اليوم يجد نفسه في وضعية لم يكن يتخيلها أحد قبل سنوات قليلة: نزيف في المواهب، أزمة مالية خانقة، ومنع من تعزيز الصفوف بلاعبين جدد.
إلى أين يسير الرجاء؟
إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الفريق مهدد بفقدان بريقه التنافسي على المستوى المحلي والقاري. صحيح أن الرجاء مر بأزمات سابقة وعاد بقوة، لكن كرة القدم الحديثة لا ترحم، والاستمرار في المنافسة يتطلب استقرارًا إداريًا وماليًا قبل الحديث عن الألقاب والإنجازات.
ما لم تُسارع الإدارة إلى إيجاد حلول جذرية، فإن مسلسل الرحيل لن يتوقف عند هؤلاء اللاعبين الثلاثة، وسنسمع قريبًا عن المزيد من الأسماء التي تغادر، وربما هذه المرة إلى وجهات أقل إثارة للجدل، ولكنها بالتأكيد أكثر إيلامًا للجماهير التي ترى فريقها يتخبط في دوامة لا يبدو أن لها نهاية قريبة.
نقول هذا، ونحن نعلم أن الأزمة الحالية التي يمر منها فريق الرجاء العالمي -الذي استعاد أخيرا المدرب التونسي لسعد الشابي-، مجرد سحابة صيف، ستنقضي بإذن الله مع مرور الوقت. فالرجاء كعادته، بفضل جماهيره الوفية وإرثه الكبير، سيعود إلى سكة الانتصارات. ورغم التحديات المالية وقرار المنع من الانتدابات، فإن تاريخ الفريق الطويل في مواجهة الأزمات يؤكد أن الرجاء قادر على تجاوز هذه المحنة والعودة أقوى من أي وقت مضى. الإدارة تعمل جاهدة على حل مشاكلها المالية، ولعل في المستقبل القريب تُفتح أمامها أبواب التعاقدات والتطوير.