دفاتر قضائية

هل نحن أمام اختراق أمني غير مسبوق في مراكش؟

ضربة قلم

شهدت مدينة مراكش حادثة غير مسبوقة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الأمنية والرأي العام، بعدما تمكن المطلوب الأمني الأول في المغرب، المعروف بلقب “الزائر”، من الفرار من داخل ولاية الأمن، رغم أنه كان رهن الحراسة النظرية. هذا الهروب المباغت استدعى استنفاراً أمنياً واسعاً، مع تنفيذ عمليات بحث دقيقة شملت مختلف أحياء المدينة، فضلاً عن تشديد المراقبة على جميع المداخل والمخارج، خشية تمكنه من مغادرة المنطقة.

الشخص المحكوم بأحكام جنائية ثقيلة، الذي ظل لسنوات يشكل تهديداً أمنياً، أُلقي القبض عليه في عملية نوعية نفذتها المصالح الأمنية بتنسيق مع المديرية الجهوية لمراقبة التراب الوطني، حيث جرت مداهمة وكر إقامته بطريق أوريكا ضواحي مراكش، ليتم اعتقاله دون مقاومة تذكر. التهم الموجهة إليه أثقل من ثقيلة، وتشمل محاولة القتل، والمشاركة في جريمة قتل عمد، والاتجار في المخدرات الصلبة، حيث صدرت في حقه أحكام غيابية بلغت 24 سنة سجناً. ورغم نجاح المصالح الأمنية في توقيفه، إلا أن فراره من داخل مقر الأمن أعاد القضية إلى نقطة الصفر، بل وجعلها أكثر تعقيداً.

في الساعات الأولى من الصباح، وتحديداً عند مرور 48 ساعة من الحراسة النظرية، تمكن “الزائر” من الهروب من غرفة المعقل بظروف غامضة لا تزال قيد التحقيق، مما يطرح تساؤلات جدية حول مدى صرامة الإجراءات الأمنية داخل ولاية الأمن، وإمكانية وجود ثغرات أو حتى تواطؤ داخلي سهّل هذه العملية. هذا الإخفاق الأمني الكبير دفع المديرية العامة للأمن الوطني إلى التحرك بسرعة، حيث تم توقيف ثلاثة حراس أمن كانوا في المداومة تلك الليلة، فيما شملت التحقيقات مسؤولين أمنيين كباراً، من بينهم رئيس الهيئة الحضرية للأمن بالمنطقة الأولى، ورئيس المنطقة الأمنية الأولى بكيليز، في محاولة لتحديد أوجه التقصير المهني والمسؤوليات المرتبطة بهذا الحدث غير الاعتيادي.

الحادثة فتحت الباب أمام احتمالات خطيرة تتجاوز مجرد “الإهمال”، إذ إن نجاح المطلوب الأمني الأول في الإفلات من قبضة الأمن بهذه الطريقة يثير تساؤلات حول ما إذا كان الهروب نتيجة ثغرة إدارية وأمنية، أم أن هناك أيدٍ خفية سهلت له الطريق؟ كيف يمكن لشخص موقوف في قضايا بهذه الخطورة أن يتمكن من الفرار دون أن يلاحظه أحد؟

هذه القضية لا تضع فقط الجهاز الأمني بمراكش تحت الضغط، بل إنها قد تؤدي إلى “هزة إدارية” داخل المنظومة الأمنية، إذ تشير التوقعات إلى أن الأيام المقبلة قد تحمل تغييرات جوهرية في المسؤوليات الأمنية، وربما قرارات تأديبية قد تطيح برؤوس كبيرة، في إطار مساءلة دقيقة لتحديد مدى الإهمال أو التواطؤ المحتمل. كما أن هذه الحادثة قد تؤثر على ثقة المواطنين في قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الأمن وملاحقة المجرمين، خصوصاً أن الأمر يتعلق بأحد أخطر العناصر الإجرامية.

بينما يواصل الأمن جهوده لتعقب الهارب، فإن القضية باتت تتجاوز مجرد البحث عن مطلوب بعدة قضايا جنائية، لتصبح اختباراً حقيقياً لكفاءة المنظومة الأمنية ومدى جاهزيتها لمنع تكرار مثل هذه الاختراقات مستقبلاً. فهل ستتمكن السلطات من إعادة اعتقال “الزائر” سريعاً؟ أم أن القضية ستظل مفتوحة على سيناريوهات أكثر تعقيداً قد تكشف عن مفاجآت غير متوقعة؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.