اقتصادمجتمع

هل نحن شركاء في الثروة أم متفرجون على صفقات الكواليس؟ اكتشاف معدني ضخم في ورزازات يُعيد طرح سؤال العدالة الاقتصادية

ضربة قلم

في وقت تعيش فيه شريحة واسعة من المغاربة على وقع الغلاء، وهشاشة الخدمات، والتهميش الاجتماعي، يأتي إعلان شركة Catalyst Metals Inc الكندية عن اكتشاف معدني ضخم بقيمة تفوق 60 مليار دولار في منطقة سيروا بإقليم ورزازات، ليطرح السؤال مجددًا: هل لنا كمغاربة حق في هذه الخيرات، أم أنها مجرد أرقام على الورق لا تعني شيئًا في الواقع المعاش؟

ثروة تُقدَّر بعشرات المليارات… ومواطن ما زال ينتظر فرصة عمل

تشير التقديرات الجيولوجية إلى وجود أكثر من 609 ملايين طن من الصخور الغنية بالكروم، النيكل، والكوبالت، وهي معادن تعد اليوم بمثابة “ذهب العصر الحديث” نظرًا لدورها الحاسم في صناعة السيارات الكهربائية، والبطاريات، والتقنيات الدفاعية. ومع ذلك، فإن أبناء المناطق المنجمية في المغرب، من جرادة إلى خنيفرة وصولًا إلى ورزازات، ما زالوا يُقابلون الوعود بالانتظار، والتنمية بالشعارات، وفرص التشغيل بالوعود الموسمية.

فإذا كانت هذه الثروات تسيل لعاب الشركات الدولية، وتغذي تطلعات الدول الكبرى نحو استقلال صناعي طاقي، فما نصيب المواطن المغربي من هذه الكعكة؟ هل سينعم بحياة كريمة، أم سيظل يشاهد قطارات الاستثمار تمر دون أن تقف عند محطته؟

تحوّل استراتيجي… ولكن لمن؟

الاكتشاف الأخير يُضاف إلى سلسلة من التطورات التي تجعل من المغرب لاعبًا واعدًا في سوق المعادن الحيوية. لكن كل ذلك يضع مسؤولية ثقيلة على الدولة المغربية: فهل سيتم تدبير هذه الثروة بمنطق السيادة الوطنية والعدالة المجالية؟ أم ستُترك الأمور في يد لوبيات الريع وعقود الامتياز الغامضة؟

الرئيس التنفيذي للشركة الكندية اعتبر أن هذا الاكتشاف “يمنح المغرب مكانة عالمية في خريطة المعادن”، لكن المواطن المغربي العادي يريد أن يسمع خبراً آخر: كم فرصة عمل ستُخلق؟ كم مؤسسة تعليمية وصحية ستُبنى؟ وهل ستتغير وضعية العائلات التي تعيش على الهامش رغم أنها تجلس فوق ثروات الوطن؟

بين التفاؤل والقلق: هل هناك أمل في التغيير؟

المرحلة القادمة ستكشف هل نحن أمام نموذج تنموي جديد يضع الإنسان المغربي في قلب الاهتمام، أم أننا أمام نسخة مكررة من استغلال الثروات الوطنية دون شفافية، ولا محاسبة، ولا عدالة توزيعية؟

المطلوب ليس مجرد اكتشافات، بل عدالة في التوزيع، سيادة في القرار، ورقابة شعبية ومؤسساتية تضمن أن لا تتحول خيرات المغرب إلى أرصدة في حسابات شركات أجنبية ومقاولين محليين نافذين، بينما يبقى المواطن بين المطرقة والسندان.

فاتح ماي على الأبواب… صوت الشارع لا يزال ينتظر الإجابة

ونحن على مشارف عيد الشغل العالمي (فاتح ماي)، تتجه الأنظار مجددًا إلى الحكومة المغربية ومآل الحوار الاجتماعي، وإلى صوت النقابات التي تطالب بأكثر من مجرد زيادات رمزية في الأجور، بل بإعادة الاعتبار للكرامة الاجتماعية، وضمان العيش الكريم، وتوزيع عادل للثروة الوطنية.

ويبقى السؤال مطروحًا بقوة:
هل سيكون المواطن المغربي أخيرًا شريكًا في الثروة، أم مجرد متفرج على مشهد يُعاد إخراجه بنفس الأسلوب منذ عقود؟

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.