مجتمع

هيئة التفتيش تدق ناقوس الخطر: تجاهل ملفها المطلبي يُفرغ الإصلاح من مضمونه ويهدد وحدة الشغيلة التعليمية

ضربة قلم

في ظل أجواء الترقب والاحتقان التي تخيّم على الساحة التعليمية، أصدرت السكرتارية الوطنية للمفتشات والمفتشين الكونفدراليين، التابعة للنقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش)، بيانًا شديد اللهجة، عبّرت فيه عن بالغ القلق إزاء ما وصفته بـ”النكوص المؤسسي” الذي يطبع تنزيل النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية، في وقت يُفترض فيه أن تكون هذه المرحلة مدخلًا لإصلاح حقيقي يراعي خصوصيات الفئات المختلفة داخل المنظومة، وعلى رأسها هيئة التفتيش التربوي.

ارتباك في تنزيل الإصلاح وتجاهل متعمد لملف التفتيش

البيان، الصادر في 14 يونيو الجاري، رصد ما أسماه “الارتباك الواضح في تنزيل النصوص التنظيمية المرتبطة بالنظام الأساسي الجديد”، مشيرًا إلى أن هذه العملية تتم في ظل مؤشرات مقلقة على التراجع عن الالتزامات السابقة، وتغليب منطق الانفراد بالقرار بدل إعمال المقاربة التشاركية الحقيقية.

واعتبرت السكرتارية أن استمرار تجاهل ملف هيئة التفتيش، وعلى رأسه مطلب تنظيم التفتيش ومراجعة قرار تحديد المهام، يشكل ضربًا مباشرًا لمصداقية خطاب الإصلاح، وإفراغًا فعليًا لمضامينه، خصوصًا في ظل غياب الإرادة السياسية والمؤسساتية لتمكين الهيئة من أداء مهامها المستقلة بكفاءة وشفافية.

إدانة لنقل الصراع من محوره العمودي إلى صراعات هامشية

أكثر من ذلك، أشار البيان إلى ظاهرة بدأت تتسع رقعتها داخل الجسم التعليمي، وهي تحول التوترات من صراعات عمودية مشروعة مع الجهات الوصية، إلى صراعات أفقية بين فئات الشغيلة التعليمية، بفعل الغموض والتأويلات المتناقضة التي تحيط بالمسار الإصلاحي.

وقالت السكرتارية في هذا الصدد، إن هذا التوجه لا يخدم سوى مشاريع تفكيك المدرسة العمومية وضرب وحدة الشغيلة التعليمية، كما يُقوض أي إمكانية لبناء جبهة نقابية موحدة تناضل على قاعدة مطلبية شمولية تُنصف الجميع، مشددة على أن هذه الممارسات “لا تخدم سوى أجندات التفرقة والإضعاف”.

التفتيش: بين تهميش منهجي ومطلب الاستقلالية الوظيفية

وفي ما يشبه رسالة تنبيه قوية موجهة لوزارة التربية الوطنية، ذكّرت السكرتارية الوطنية بمطلب مركزي لطالما رفعته هيئة التفتيش، وهو ضمان الاستقلالية الوظيفية عبر الانتساب الإداري المباشر إلى المفتشية العامة، بما يكفل قيام الهيئة بأدوارها الرقابية والتقويمية بعيدًا عن أية وصاية مباشرة أو غير مباشرة، معتبرة أن هذا الخيار هو المدخل الطبيعي لبناء منظومة تعليمية تقوم على مبادئ الحكامة والجودة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

كما عبّرت السكرتارية عن رفضها القاطع لمنطق التجزيء الفئوي في التعامل مع المطالب، محذّرة من تحويل المعارك النقابية إلى جزر معزولة تُستنزف في ملفات جزئية، وتُفرغ من بعدها الجماعي الوحدوي، الذي يشكل نقطة قوة المدرسة العمومية ومنظومتها التربوية.

دعوة للتكتل والتضامن النقابي ورفض الانقسام

وفي خطوة تعكس حرص السكرتارية على الحفاظ على وحدة الشغيلة التعليمية، وجه البيان نداءً واضحًا لكافة الفاعلين النقابيين والتربويين من أجل إعادة الاعتبار لثقافة التكتل النقابي والتضامن الميداني، وبناء معارك نضالية موحدة تُعيد الاعتبار للمدرسة العمومية، وتدافع عن كرامة العاملين بها.

كما عبّرت عن تضامنها “المبدئي واللامشروط” مع كل الفئات المتضررة داخل المنظومة، مؤكدة أن المعركة الحقيقية لا تكمن في الصراعات الجانبية، بل في مواجهة السياسات العمومية التي تُراكم التراجعات وتُقنن التهميش، داعية إلى توحيد الصفوف وبناء جبهة نقابية تعليمية قوية قادرة على فرض إصلاح عادل، شفاف، ومنصف.

خاتمة: هيئة التفتيش تُعلن التعبئة وتلوّح بالتصعيد

واختتمت السكرتارية بيانها بتأكيدها أن أي مساس بموقع هيئة التفتيش داخل المنظومة، هو مساس جوهري بوظائف التقويم والمراقبة والمساءلة، معتبرة أن هذا الأمر يُشكل تهديدًا مباشرًا لجودة المدرسة العمومية ومصداقيتها.

ودعت كافة المفتشات والمفتشين إلى رفع مستوى اليقظة والتعبئة والانخراط الواعي والمنظم داخل النقابة الوطنية للتعليم، من أجل الدفاع عن مطالبهم المشروعة، ورفض كل أشكال التهميش والتمييع التي تطال الهيئة ومهامها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.