واش العيد الاثنين ولا الثلاثاء؟ ها علاش المغاربة ديما خارجين عن السرب!

ضربة قلم
عيد الفطر.. حينما تنظر السماء فنرى اختلاف الأرض!
كما جرت العادة، يتحول استطلاع هلال العيد إلى ماراثون فلكي واجتماعي وسياسي، حيث تنظر الأعين نحو السماء، بينما تنشغل وسائل الإعلام والهيئات الدينية في سباق الإعلان عن موعد انتهاء شهر الصيام. هذه السنة، أعلنت السعودية وقطر أن الأحد هو أول أيام عيد الفطر، بينما ينتظر المغرب، كعادته، تأكيد رؤية الهلال، ليكون العيد على الأرجح يوم الاثنين.
الهلال.. بين الحساب الفلكي والرؤية البصرية
في عالم يزداد ارتباطًا بالتكنولوجيا والأقمار الصناعية، لا يزال تحري الهلال يعتمد في بعض الدول على المشاهدة البصرية المباشرة، رغم وجود حسابات فلكية دقيقة تؤكد إمكانية أو استحالة رؤية الهلال في وقت معين. المغرب، مثلا، يتبع طريقة صارمة في إثبات دخول الأشهر القمرية، حيث يُطلب من لجان المراقبة المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد الإدلاء بشهادتها وفق شروط محددة، غالبًا ما يتأخر إعلان العيد في المغرب بيوم مقارنة بالسعودية، لأن المغرب يعتمد بشكل أساسي على الرؤية البصرية المباشرة للهلال، بينما تأخذ السعودية وغيرها من الدول بالحسابات الفلكية أو الرؤية المجهرية التي قد تثبت الهلال حتى لو لم يُرَ بالعين المجردة. هذا الاختلاف في المنهجية هو السبب الرئيسي وراء التباين في إعلان العيد بين البلدين.
مفارقات العيد بين الدول الإسلامية
هذا الاختلاف في إعلان العيد ليس جديدًا، بل أصبح طقسًا سنويًا يثير التساؤلات والجدل. فكيف يمكن أن يكون العيد في بلد والصيام مستمر في بلد آخر؟ وكيف يمكن أن نرى الهلال في مكان دون آخر، رغم أن الأرض تدور في فلك واحد؟ الجواب يكمن في تعدد معايير الإثبات الفقهي، حيث تعتمد بعض الدول على الحساب الفلكي، وأخرى على الرؤية المجردة، بينما تجمع بعض الدول بين الأمرين، مما يؤدي إلى تباين في موعد الاحتفال.
عيد على إيقاع الجغرافيا والسياسة
اللافت أن هذا الاختلاف لم يعد مجرد مسألة فقهية، بل تحول في بعض الأحيان إلى قضية ذات أبعاد سياسية وثقافية. هناك دول تصر على الاستقلال في إعلان العيد كجزء من سيادتها الدينية، بينما تسير أخرى على خطى دول الجوار لتوحيد المناسبات الدينية. هذا الواقع يعكس كيف يمكن للزمن الديني أن يتأثر بالحدود السياسية.
المغرب.. عيد بطقوس خاصة ولو تأخر يومًا
بالنسبة للمغاربة، فإن قدوم العيد متأخرًا بيوم ليس بالأمر الغريب، بل هو جزء من التقاليد الفلكية التي اعتادوها، حيث نتريث يوما بعد دخول الدول الشقيقة في رمضان. بل إن هناك من يستغل هذا الاختلاف للسفر إلى البلدان التي تحتفل قبلهم بيوم للاستمتاع بعيدين متتاليين! ومع ذلك، يظل للعيد في المغرب نكهته الخاصة، بطقوسه العائلية، وزيارات الأهل، وتحضير الحلويات التقليدية، واللباس الجديد، والفرحة التي تعم الأزقة والشوارع.
في النهاية.. متى نصوم معًا ونفطر معًا؟
يبقى السؤال الذي يتكرر كل عام: هل سيأتي يوم تتوحد فيه الأمة الإسلامية في رؤية واحدة؟ أم أن تعدد المذاهب والاجتهادات سيظل يجعل من العيد مناسبة تختلف بدايتها باختلاف المواقع والمرجعيات؟ الإجابة، حتى الآن، لا تزال ضبابية كالهلال في سماء ملبدة بالغيوم!
وإلى أن يتحقق هذا التوحيد، سيظل بعضنا مفطرًا، بينما يكمل الآخر صيامه.. وكل عام والجميع بخير!