واش لي عطاه الله عطاه ولا سينما أو ماذا؟
بين أوراق النقابات والحكومة: معركة قانون الإضراب تشتد

ضربة قلم
تتجه الأنظار إلى ما تبقى من الأوراق في حوزة النقابات الغاضبة من الحكومة في مواجهة مشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي أثار جدلًا واسعًا بين الفرقاء الاجتماعيين. وبينما تستعد النقابات لجولات جديدة من الحوار، تطرح العديد من التساؤلات حول مدى تأثير المواقف النقابية على المشهد العمالي في المغرب، ومدى استعداد الحكومة لتقديم تنازلات في هذا الملف الحساس.
قرار المحكمة الدستورية وجدلية الرد النقابي
كشفت مصادر من داخل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل عن توجه النقابة إلى عقد اجتماع حاسم الأسبوع المقبل لمناقشة تداعيات قرار المحكمة الدستورية بشأن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب. يأتي هذا في وقت تترقب فيه الأوساط النقابية والاجتماعية دخول شهر أبريل، الذي سيشهد جولة جديدة من الحوار الاجتماعي بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين.
وكانت المحكمة الدستورية قد صادقت على بعض مقتضيات المشروع، ما أثار استياء النقابات التي كانت تأمل في إسقاط عدد من بنوده المثيرة للجدل. ورغم أن القرار الدستوري يعد نهائيًا وغير قابل للطعن، فإن النقابات لا تزال تراهن على المسار السياسي والنضالي لإجبار الحكومة على تعديل القانون قبل إخراجه إلى حيز التنفيذ.
مواقف النقابات: بين التصعيد والمناورة
في هذا السياق، رفعت نقابة الاتحاد المغربي للشغل من سقف مطالبها خلال مؤتمرها الوطني الثالث عشر، حيث دعت الحكومة إلى تعليق القانون التنظيمي للإضراب، معتبرة أن المشروع بصيغته الحالية يحدّ من الحق في الإضراب ويضع قيودًا مشددة على الحركات الاحتجاجية. وترى النقابة أن القانون يخدم بالدرجة الأولى مصالح أرباب العمل على حساب الحقوق المكتسبة للعمال.
من جهتها، تبنّت المنظمة الديمقراطية للشغل موقفًا أكثر تحفظًا، حيث أكدت احترامها لقرار المحكمة الدستورية، لكنها في المقابل دعت الحكومة إلى فتح نقاش واسع مع النقابات لضمان توافق مجتمعي حول القانون، بدل فرضه بطريقة أحادية.
أما الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فقد أبدت امتعاضها من تعاطي الحكومة مع الملف، مشيرة إلى أنها ستتخذ قرارات تصعيدية إذا لم يتم التراجع عن بعض بنود المشروع، خصوصًا تلك التي تنص على إجراءات إدارية وقانونية معقدة تجعل من ممارسة الإضراب شبه مستحيلة في بعض القطاعات الحيوية.
الحكومة في موقف صعب: الموازنة بين المستثمرين والعمال
في المقابل، تجد الحكومة نفسها في مأزق حقيقي، حيث تسعى إلى تحقيق توازن بين مطالب النقابات وضغوطات أرباب العمل والمستثمرين، الذين يرون أن الإضرابات المتكررة تُضعف مناخ الأعمال وتؤثر على تنافسية الاقتصاد الوطني. وقد أكدت الحكومة مرارًا أن القانون التنظيمي للإضراب يهدف إلى تقنين هذا الحق الدستوري وليس التضييق عليه، مشددة على أن الهدف الأساسي هو الحد من العشوائية في الإضرابات وضمان استمرار الخدمات الأساسية للمواطنين.
غير أن الشعب يرى العكس، حيث النقابات ترد بأن الحكومة لم تستشرها بشكل كافٍ خلال إعداد المشروع، وأن النص الحالي جاء محمّلًا بمقتضيات تجعل ممارسة الإضراب أمرًا شبه مستحيل، خاصة فيما يتعلق بضرورة إشعار المشغل مسبقًا بمدة لا تقل عن عشرة أيام قبل الإضراب، ومنع بعض الفئات من الإضراب، إضافة إلى فرض عقوبات تأديبية قد تصل إلى الفصل عن العمل.
ماذا بعد؟ السيناريوهات الممكنة
مع اقتراب جولة أبريل للحوار الاجتماعي، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة والنقابات من الوصول إلى صيغة توافقية تُرضي جميع الأطراف، أم أن البلاد مقبلة على موجة جديدة من الاحتقان الاجتماعي والإضرابات القطاعية؟
السيناريوهات الممكنة تتراوح بين تصعيد النقابات عبر الإضرابات والوقفات الاحتجاجية، مما قد يضع الحكومة في موقف صعب قد يدفعها إلى تقديم تنازلات، أو استمرار التعنت الحكومي، ما قد يؤدي إلى تفكك الجبهة النقابية وفقدان الحركة العمالية لقدرتها على فرض شروطها. في كلتا الحالتين، يبقى الوضع مفتوحًا على جميع الاحتمالات، ويبقى المواطن البسيط هو المتضرر الأكبر من هذا الشد والجذب بين الحكومة والنقابات.
في الأخير، يبقى التساؤل مطروحًا: هل هو مجرد توزيع للأدوار بين الأطراف المتصارعة، أم أن هناك بالفعل نوايا حقيقية لإعادة التفاوض وتحقيق مكاسب فعلية للطبقة العاملة؟ الإجابة ستكشف عنها الأيام القادمة، لكن المؤكد أن الصراع حول قانون الإضراب لم يصل بعد إلى نهايته.