600 مليون سنتيم وملفٌ غامض يهز عمالة آسفي

ضربة قلم
تتجه الأنظار هذه الأيام إلى ما ستسفر عنه التحقيقات القضائية الجارية بخصوص شبهة رشوة تورط فيها العامل السابق لإقليم آسفي، بعدما تداولت مقاطع فيديو وتصريحات لمستشار جماعي تتحدث عن مبلغ مالي ضخم قُدّر بـ 600 مليون سنتيم، قيل إنه طُلب من أحد المقاولين مقابل تسهيل إنجاز مشروع طرقي بإحدى الجماعات التابعة للإقليم.
وزارة الداخلية، ومن خلال المفتشية العامة للإدارة الترابية، تفاعلت بسرعة مع الموضوع، إذ فتحت بحثًا إداريًا معمقًا للإحاطة بكل ملابسات القضية وجمع المعطيات الدقيقة، قبل أن تُحال نتائج هذا البحث إلى رئاسة النيابة العامة التي تولّت بدورها فتح تحقيق قضائي في الموضوع.
وبينما يترقب الرأي العام المحلي والوطني نتائج هذا التحقيق لمعرفة حقيقة الاتهامات التي شغلت الساحة الإعلامية، يلفت الانتباه أن العامل الحالي لإقليم آسفي له مسار إداري طويل داخل وزارة الداخلية، بدأه من الميدان، حيث اشتغل مديرًا لديوان عامل إقليم الصويرة، وهناك نسج شبكة علاقات واسعة مكنته من التدرج في المناصب.
فقد تمت ترقيته من قائد ومدير ديوان إلى كاتب عام بعمالة المحمدية، قبل أن يتم تعيينه عاملًا على إقليم بنسليمان، ثم التحاقه بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية لفترة امتدت لسنوات، ليُعاد تعيينه بعد ذلك على رأس عمالة خنيفرة، وأخيرًا عاملًا على إقليم آسفي.
هذا المسار يعكس تجربة طويلة، غير أن الظرفية الحالية تجعل الأنظار مركزة أكثر على مدى شفافية تدبير الشأن الإقليمي وعلى الإجراءات التي ستعتمدها وزارة الداخلية لترسيخ مبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصًا في ظل ما تعرفه العديد من الملفات الترابية من شبهات وسوء تدبير.
وفي انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيق القضائي، يبقى الأمل معقودًا على أن تكون هذه القضية محطة لتكريس ثقافة الوضوح والنزاهة داخل الإدارة الترابية، وتأكيدًا على أن السلطة ليست امتيازًا بل مسؤولية أمام القانون والرأي العام.




